فائدة رقم١٠٠: أعطى دينارًا فرده الله عليه وزاده خمسين دينارًا

قال الترمذي كما في بعض النسخ من “جامعه” عقب رقم (2415)(حاشية):

ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻴﻢ ﺑﻦ ﺣﺎﺯﻡ اﻟﺒﻠﺨﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ اﻟﻤﻜﻲ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﻳﻘﻮﻝ:

(ﻛﻨﺎ ﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﺟﺮﻳﺞ اﻟﻤﻜﻲ، ﻓﺠﺎء ﺳﺎﺋﻞ ﻓﺴﺄﻟﻪ، ﻓﻘﺎﻝ اﺑﻦ ﺟﺮﻳﺞ ﻟﺨﺎﺯﻧﻪ: اﻋﻄﻪ ﺩﻳﻨﺎرًا، ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻱ ﺇﻻ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﺇﻥ ﺃﻋﻄﻴﺘﻪ ﻟﺠﻌﺖ ﻭﻋﻴﺎﻟﻚ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻐﻀﺐ ﻭﻗﺎﻝ: ﺃﻋﻄﻪ، ﻗﺎﻝ اﻟﻤﻜﻲ: ﻓﻨﺤﻦ ﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﺟﺮﻳﺞ ﺇﺫ ﺟﺎءﻩ ﺭﺟﻞ ﺑﻜﺘﺎﺏ ﻭﺻﺮﺓ ﻭﻗﺪ ﺑﻌﺚ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﺾ ﺇﺧﻮاﻧﻪ، ﻭﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺏ: ﺇﻧﻲ ﻗﺪ ﺑﻌﺜﺖ خمسين دينارًا ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺤﻞ اﺑﻦ ﺟﺮﻳﺞ اﻟﺼﺮﺓ ﻓﻌﺪﻫﺎ ﻓﺈﺫا ﻫﻲ ﺃﺣﺪ ﻭﺧﻤﺴﻮﻥ ﺩﻳﻨﺎرًا، ﻗﺎﻝ: ﻓﻘﺎﻝ اﺑﻦ ﺟﺮﻳﺞ ﻟﺨﺎﺯﻧﻪ: ﻗﺪ ﺃﻋﻄﻴﺖ ﻭاﺣﺪًا ﻓﺮﺩﻩ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻚ ﻭﺯاﺩﻙ خمسين دينارًا).

سنده صالح.

فشيخ الترمذي ترجمه ابن حبان في الثقات/414)  (14155) :

فقال :  ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻴﻢ بن حازم بن فزارة  ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﻠﺨﻲ، ﻳﺮﻭﻱ ﻋﻦ اﻟﻤﻜﻲ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﻭﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺣﺪﻳﺚ، ﺭﻭﻯ ﻋﻨﻪ ﺃﻫﻞ ﺑﻠﺪﻩ. انتهى.

وهو يحكي قصة سمعها من شيخه.

تنبيه: لم يترجم لهذا الراوي في (التهذيب) وما تصرف منه، ولعل السبب أن هذا الأثر لم يقع  في نسخة المزي.

حيث أن الترمذي لم يخرج له في جامعه في غير هذا الموضع.

والله أعلم.

وهذه القصة هي واحدة من مئات القصص والأخبار في هذا الباب.

وربنا سبحانه يقول: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ).

 

 

سلسلة فوائد

من خلال

البحث والمطالعة ( 1 )

لفضيلة الشيخ علي بن أحمد الرازحي حفظه الله تعالى

 

 

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

انقر هنا للتحميل [964.61 KB]

سلسلة فوائد من خلال البحث والمطالعة
فائدة رقم١٠٠: أعطى دينارًا فرده الله عليه وزاده خمسين دينارًا

قال الترمذي كما في بعض النسخ من “جامعه” عقب رقم (2415)(حاشية):

ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻴﻢ ﺑﻦ ﺣﺎﺯﻡ اﻟﺒﻠﺨﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ اﻟﻤﻜﻲ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﻳﻘﻮﻝ:

(ﻛﻨﺎ ﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﺟﺮﻳﺞ اﻟﻤﻜﻲ، ﻓﺠﺎء ﺳﺎﺋﻞ ﻓﺴﺄﻟﻪ، ﻓﻘﺎﻝ اﺑﻦ ﺟﺮﻳﺞ ﻟﺨﺎﺯﻧﻪ: اﻋﻄﻪ ﺩﻳﻨﺎرًا، ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻱ ﺇﻻ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﺇﻥ ﺃﻋﻄﻴﺘﻪ ﻟﺠﻌﺖ ﻭﻋﻴﺎﻟﻚ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻐﻀﺐ ﻭﻗﺎﻝ: ﺃﻋﻄﻪ، ﻗﺎﻝ اﻟﻤﻜﻲ: ﻓﻨﺤﻦ ﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﺟﺮﻳﺞ ﺇﺫ ﺟﺎءﻩ ﺭﺟﻞ ﺑﻜﺘﺎﺏ ﻭﺻﺮﺓ ﻭﻗﺪ ﺑﻌﺚ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﺾ ﺇﺧﻮاﻧﻪ، ﻭﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺏ: ﺇﻧﻲ ﻗﺪ ﺑﻌﺜﺖ خمسين دينارًا ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺤﻞ اﺑﻦ ﺟﺮﻳﺞ اﻟﺼﺮﺓ ﻓﻌﺪﻫﺎ ﻓﺈﺫا ﻫﻲ ﺃﺣﺪ ﻭﺧﻤﺴﻮﻥ ﺩﻳﻨﺎرًا، ﻗﺎﻝ: ﻓﻘﺎﻝ اﺑﻦ ﺟﺮﻳﺞ ﻟﺨﺎﺯﻧﻪ: ﻗﺪ ﺃﻋﻄﻴﺖ ﻭاﺣﺪًا ﻓﺮﺩﻩ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻚ ﻭﺯاﺩﻙ خمسين دينارًا).

سنده صالح.

فشيخ الترمذي ترجمه ابن حبان في الثقات/414)  (14155) :

فقال :  ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻴﻢ بن حازم بن فزارة  ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﻠﺨﻲ، ﻳﺮﻭﻱ ﻋﻦ اﻟﻤﻜﻲ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﻭﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺣﺪﻳﺚ، ﺭﻭﻯ ﻋﻨﻪ ﺃﻫﻞ ﺑﻠﺪﻩ. انتهى.

وهو يحكي قصة سمعها من شيخه.

تنبيه: لم يترجم لهذا الراوي في (التهذيب) وما تصرف منه، ولعل السبب أن هذا الأثر لم يقع  في نسخة المزي.

حيث أن الترمذي لم يخرج له في جامعه في غير هذا الموضع.

والله أعلم.

وهذه القصة هي واحدة من مئات القصص والأخبار في هذا الباب.

وربنا سبحانه يقول: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ).

 

 

فائدة رقم ٩٩ : من أدب الشيخ تنبيه الناس على مقادير تلامذته

قال الحافظ ابن السني في كتابه الماتع “رياضة المتعلمين” (ص:37):

يستحب للعالم أن ينبّه الناس على مقادير أصحابه في العلم ويبيّن فضلهم ليأخذ الناس عنهم

 

لما أخبرنا أبو خليفة : ثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا شعبه عن سليمان قال: سمعت أبا وائل يحدث عن مسروق قال: قال عبدالله بن عمرو ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ـ قال : ( استقرئوا القرآن من أربعة من: عبد الله بن مسعود، وسالم  مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل ).

حديث صحيح، وأخرجه البخاري(3759)، ومسلم (2464)، من طريق أبي وائل به.

ولقد كان شيخنا مقبل بن هادي ـ رحمه الله ـ على جانب كبير من هذا الأدب مع طلابه، فكان يذكر كل طالب مبرز بما يستحقه، ويعرف الناس به، ويزرع في قلوب الناس الثقة بأهل العلم وطلبة العلم، وأمثلة في هذا الباب كثيرة جدًا.

فائدة رقم ٩٨: قبح الفواحش عند الدواب والطيور والمشركين العرب قبل البعثة فضلًا عن أهل الإسلام

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في “مجموع الفتاوى” (15/147):

ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺮﺏ ﻣﺸﺮﻛﻴﻦ ﻭﻫﻢ ﻳﺤﺮﻣﻮﻥ اﻟﻔﻮاﺣﺶ ﻭﻳﺴﺘﻐﻔﺮﻭﻥ اﻟﻠﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺘﻰ ( ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ـ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ ﻟﻤﺎ ﺑﺎﻳﻊ ﻫﻨﺪ ﺑﻨﺖ ﻋﺘﺒﺔ ﺑﻦ ﺭﺑﻴﻌﺔ ﺑﻴﻌﺔ اﻟﻨﺴﺎء ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻻ ﺗﺸﺮﻙ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺷﻴﺌًﺎ ﻭﻻ ﺗﺴﺮﻕ ﻭﻻ ﺗﺰﻧﻲ؛

ﻗﺎﻟﺖ: ﺃﻭ ﺗﺰﻧﻲ اﻟﺤﺮﺓ؟).

ﻭﻛﺎﻥ اﻟﺰﻧﺎ ﻣﻌﺮﻭﻓًﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻓﻲ اﻹﻣﺎء، ﻭﻟﻬﺬا ﻏﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻟﻐﺘﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻠﻮا اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﺮﻕ.

ﻭﺃﺻﻞ اﻟﻠﻔﻆ ﻫﻮ اﻟﻌﻔﺔ ، ﻭﻟﻜﻦ اﻟﻌﻔﺔ ﻋﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﻟﻴﺴﺖ ﺃﻣﺔ.

ﺑﻞ ﻗﺪ ﺫﻛﺮ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ:

ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺭﺟﺎء اﻟﻌﻄﺎﺭﺩﻱ ﺃﻧﻪ ﺭﺃﻯ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻗﺮﺩًا ﻳﺰﻧﻲ ﺑﻘﺮﺩﺓ ﻓﺎﺟﺘﻤﻌﺖ اﻟﻘﺮﻭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﺭﺟﻤﺘﻪ.

ﻭﻗﺪ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻴﻮﺥ اﻟﺼﺎﺩﻗﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﺭﺃﻯ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻊ ﻧﻮﻋًﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﻴﺮ ﻗﺪ ﺑﺎﺽ ﻓﺄﺧﺬ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﻴﻀﺔ ﻭﺟﺎء ببيض ﺟﻨﺲ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﻴﺮ ﻓﻠﻤﺎ اﻧﻔﻘﺲ اﻟﺒﻴﺾ ﺧﺮﺟﺖ اﻟﻔﺮاﺥ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﺠﻨﺲ ﻓﺠﻌﻞ اﻟﺬﻛﺮ ﻳﻄﻠﺐ ﺟﻨﺴﻪ ﺣﺘﻰ اﺟﺘﻤﻊ ﻣﻨﻬﻦ ﻋﺪﺩ ﻓﻤﺎ ﺯاﻟﻮا ﺑﺎﻷﻧﺜﻰ ﺣﺘﻰ ﻗﺘﻠﻮﻫﺎ.

ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬا ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻓﻲ ﻋﺎﺩﺓ اﻟﺒﻬﺎﺋﻢ.

ﻭاﻟﻔﻮاﺣﺶ ﻣﻤﺎ اﺗﻔﻖ ﺃﻫﻞ اﻷﺭﺽ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﺒﺎﺣﻬﺎ ﻭﻛﺮاﻫﺘﻬﺎ. انتهى.

وما ذكره شيخ الإسلام هو في البخاري (3849) عن عمرو بن ميمون ـرحمه الله ـ.

وذكر الحافظ في الفتح في شرحه لهذا الأثر:

عن أبي عبيدة معمر بن المثنى في كتاب الخيل له من طريق الأوزاعي أن مهرًا أنزي على أمه فامتنع، فأدخلت في بيت وجللت بكساء، وأنزي عليها، فنزى، فلما شم ريح أمه، عمد إلى ذكره فقطعه بأسنانه من أصله.

فائدة رقم ٩٧: كُتّاب النبي صلى الله عليه وسلّم
  1. أبان بن سعيد بن العاص الأموي.
  2. أُبي بن كعب بن المنذر الأنصاري.
  3. أرقم بن أبي الأرقم المخزومي.
  4. ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري.
  5. حنظلة بن الربيع التميمي الأسدي الكاتب.
  6. خالد بن سعيد بن العاص الأموي.
  7. خالد بن الوليد أبو سليمان المخزومي.
  8. الزبير بن العوام أبو عبد الله الأسدي القرشي.
  9. زيد بن ثابت أبو سعيد الأنصاري الخزرجي.
  10. سجل الكاتب.
  11. سعد بن أبي سرح.
  12. عبدالله بن عثمان أبو بكر الصديق القرشي التيمي.
  13. عبداالله بن أرقم بن أبي الأرقم المخزومي.
  14. عبدالله بن سعد بن أبي سرح القرشي العامري.
  15. عبد الله بن زيدبن عبد ربه أبو محمد الأنصاري الخزرجي عامربن فهيرة مولى أبي بكر الصديق.
  16. عمر بن الخطاب أبو حفص القرشي العدوي أمير المؤمنين.
  17. عثمان بن عفان بن أبي العاص أبو عمرو الأموي أمير المؤمنين.
  18. علي بن أبي طالب أبو الحسن الهاشمي أمير المؤمنين.
  19. العلاء بن عقبة.
  20. العلاء بن الحضرمي واسم الحضرمي عباد ويقال: عبدالله بن عباد.
  21. محمد بن مسلمة الأنصاري.
  22. معاوية بن أبي سفيان أبو عبد الرحمن القرشي الأموي.
  23. المغيرة بن شعبة أبو عيسى التغلبي.

هكذا ذكرهم الحافظ ابن عساكر في “تاريخ دمشق”: ( 4/من324-349).

وبقي: شرحبيل بن حسنة.

وأشهرهم بهذا زيد بن ثابت ومعاوية رضي الله عنهم.

وأما سجل فلم يثبت وخبره موضوع.

قال ابن كثير في كتابه “الفصول” ص:321:

( وقد أورد ذلك الحافظ أبو القاسم في كتابه أتم ايراد وأسند ما أمكنه عن كل واحد من هؤلاء إلا شريح بن حسنة وذكر فيهم السجل.

كما رواه أبو داود والنسائى عن ابن عباس في قوله : (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ) السجل للكتب.

قال هو كاتب كان للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

وقد أنكر هذا الحديث الإمام أبو جعفر بن جرير في تفسيره وقال: لا يعرف في كتاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل ولا في الصحابة أحد يسمى ( سجلاً ).

قلتُ :

وقد أنكره أيضًا غير واحد من الحفّاظ وقد أفردت جزءًا وبيّنت طرقه وعلله ومن تكلم فيه من الأئمة ومن ذهب منهم إلى أنه حديث موضوع. والله تعالى أعلم) انتهى.

وذكر ابن كثير أيضًا في “تفسيره”  وفي “البداية والنهاية” :

أنه قد صرح جماعة من الحفاظ بوضعه وذكر منهم الحافظ المزي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وقبلهما الحافظ الطبري.

قلت :

وهكذا نقل ابن القيم في “تهذيب السنن”.

وأهل العلم متفقون على ضعفه ورده.

وبالله التوفيق.

فائدة رقم ٩٦: ﺫﻛﺮ ﺃﻭﻻﺩ النبي ـ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ
  • ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻪ ـ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻴﻦ ﺛﻼﺛﺔ :
  1. اﻟﻘﺎﺳﻢ :

ﻭﺑﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻜﻨﻰ،

ﻭﻟﺪ ﺑﻤﻜﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻨﺒﻮﺓ، ﻭﻣﺎﺕ ﺑﻬﺎ ﻭﻫﻮ اﺑﻦ ﺳﻨﺘﻴﻦ.

  1. ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ:

ﻭﻳﺴﻤﻰ: اﻟﻄﻴﺐ، ﻭاﻟﻄﺎﻫﺮ، لأﻧﻪ ﻭﻟﺪ ﻓﻲ الإﺳﻼﻡ،

ﻭﻗﻴﻞ: ﺇﻥ اﻟﻄﻴﺐ ﻭاﻟﻄﺎﻫﺮ ﻏﻴﺮﻩ، ﻭاﻟﺼﺤﻴﺢ الأﻭﻝ.

  1. ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ :

ﻭﻟﺪ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﻣﺎﺕ ﺑﻬﺎ ﺳﻨﺔ ﻋﺸﺮ ﻭﻫﻮ اﺑﻦ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ، ﺃﻭ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮًا.

  • ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺎﺕ ﺃﺭﺑﻊ ﺑﻼ ﺧﻼﻑ:
  1. ﺯﻳﻨﺐ :

ﺗﺰﻭﺟﻬﺎ ﺃﺑﻮ اﻟﻌﺎﺹ ﺑﻦ اﻟﺮﺑﻴﻊ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻯ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺷﻤﺲ، ﻭﻫﻮ اﺑﻦ ﺧﺎﻟﺘﻬﺎ ﻭﺃﻣﻪ ﻫﺎﻟﺔ ﺑﻨﺖ ﺧﻮﻳﻠﺪ، ﻓﻮﻟﺪﺕ ﻟﻪ ﻋﻠﻴًﺎ، ﻣﺎﺕ ﺻﻐﻴﺮًا، ﻭﺃﻣﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﻬﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ـ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ ﻭﺑﻘﻴﺖ ﺣﺘﻰ ﺗﺰﻭﺟﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺕ ﻓﺎﻃﻤﺔ.

  1. ﻭﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء ـ ﺭﺿﻮاﻥ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ـ:

ﺗﺰﻭﺟﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﻓﻮﻟﺪﺕ ﻟﻪ:

اﻟﺤﺴﻦ، ﻭاﻟﺤﺴﻴﻦ، ﻭﻣﺤﺴﻨًﺎ ﻣﺎﺕ ﺻﻐﻴﺮًا،

وأم كلثوم تزوجها عمر ابن الخطاب،

ﻭﺯﻳﻨﺐ ﺗﺰﻭﺟﻬﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ,

  1. ﻭﺭﻗﻴﺔ ﺑﻨﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ـ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ:

ﺗﺰﻭﺟﻬﺎ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻔﺎﻥ، ﻓﻤﺎﺗﺖ ﻋﻨﺪﻩ.

  1. ﻭﺃﻡ ﻛﻠﺜﻮﻡ:

ﺗﺰﻭﺟﻬﺎ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺃﻳﻀًﺎ ﺑﻌﺪ ﺭﻗﻴﺔ ﻓﻤﺎﺗﺖ ﻋﻨﺪﻩ، ﻭﻭﻟﺪﺕ ﻟﻪ ﺭﻗﻴﺔ اﺑﻨﺎﻩ ﻓﺴﻤﺎﻩ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻭﺑﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻜﻨﻰ.

  • ﻭﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻭﻟﺪ ﻟﻪ ـ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ: اﻟﻘﺎﺳﻢ، ﺛﻢ ﺯﻳﻨﺐ ﺛﻢ ﺭﻗﻴﺔ، ﺛﻢ ﻓﺎﻃﻤﺔ، ﺛﻢ ﺃﻡ ﻛﻠﺜﻮﻡ،

ﺛﻢ ﻓﻲ الإﺳﻼﻡ: ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﺛﻢ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ.

  • ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ ﻛﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﺪﻳﺠﺔ ﺇﻻ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺎﺭﻳﺔ اﻟﻘﺒﻄﻴﺔ،
  • ﻭﻛﻠﻬﻢ ﻣﺎﺗﻮا ﻗﺒﻠﻪ ﺇﻻ ﻓﺎﻃﻤﺔ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻋﺎﺷﺖ ﺑﻌﺪﻩ ﺳﺘﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺤﻴﺢ.

ﻭﻗﻴﻞ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ.

لخّص هذا الحافظ المزي في (تهذيب الكمال).

فائدة رقم ٩٥: مَن برئت منه ذمة الله

ورد في ذلك أحاديث منها ما صح، ومنها ما لم يصح، فالذي صح من ذلك في أمور :

الأول: من ترك صلاة متعمدًا.

عن معاذ ـ رضي الله عنه ـ قال: أوصاني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعشر كلمات قال:

( لا تشرك بالله شيئًا وإن قتلت وحرقت، ولا تعقن والديك وإن آمراك أن تخرج من أهلك ومالك، ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدًا فمن ترك صلاة متعمدًا فقد برئت منه ذمة الله…….) الحديث.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم غير أن عبد الرحمن بن جبير بن نفير لم يسمع من معاذ، لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة منهم : أبو الدرداء، والبراء، وابن عباس، وأميمة، وأم أيمن، وأبي ذر.

يصح الحديث بمجموعها.

الأمر الثاني :  العبد الآبق.

عن جرير ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( أيما عبد أبق فقد برئت منه الذمة ).

أخرجه مسلم: كتاب الإيمان: (١٠٢).

 ” العبد”: هو الكافر المحارب إذا وقع أسيرًا بيد المسلمين، فيصير عبدًا بعد أن يضرب ولي أمر المسلمين الرق عليه، فيفقد حريته.

“آبق” : إذا هرب من سيده، من غير خوف ولا كد عمل.

قال السيوطي : قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( أيما عبد أبق فقد برئت منه الذمة ) أي لا ذمة له.

قال ابن الصلاح: ويجوز أن تفسر الذمة هذا الذمام، وهو الحرمة، ويجوز أن يكون من قبيل ما جاء في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( ذمة الله وذمة رسوله )، أي ضمانه وأمانه ورعايته، وذلك أن الآبق كان مصونًا من عقوبة السيد له وحسبه، فزال ذلك بإباقة.

الأمر الثالث: البيات على ظهر سطح غير مسور.

 الأمر الرابع : من ركب البحر عند ارتجاجه.

عن الحسن عن سمرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( من بات على سطح ليس بمحجور فقد برئت منه الذمة، ومن رمى بليل فقد برئت منه الذمة، ومن ركب البحر عند ارتجاجه فقد برئت منه الذمة ).

وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة خرَّجها العلامة الألباني في الصحيحة.

فائدة رقم ٩٤: مَنْ يكون في ذمّة الله

من يكون في ذمة الله ورد في ذلك أحاديث منها ما صح ومنها ما لم يصح فالذي صح من ذلك حسب نقدي: في ثلاثة أمور :

الأول والثاني بمعنى : العهد والأمان، والثالث بمعنى الحفظ .

الأول: في حق من كان من أهل الإسلام .

عن ميمون بن سياه، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته ).

أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب: فضل استقبال القبلة: (٣٧٨)، والنسائي، كتاب: الإيمان وشرائعه، باب: صفة المسلم، حديث: (٤٩١١) .

وجاء بنحوه من حديث عبد الرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ، أخرجه البزار في مسنده (933)، وفي سنده : هلال بن عبد الرحمن  قال الذهبي : يترك.

وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف لم يسمع من أبيه.

الذمة معناها هنا : العهد والأمان بالكف عن الدم والمال والعرض.

ومعنى (ﻻ تخفروا) أي: ﻻ تفسدوا ذمة الله وتغدروا بمن هو في ذمته.

الثاني: أهل الكتاب (أهل الذمة) ممن لهم ذمة الله تعالى وذمة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ،

 والمقصود بالذمة: عهده وأمانه، وضمان المسلمين في الدنيا.

عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( ألا من قتل نفسًا معاهدًا، له ذمة الله وذمة رسوله، فقد أخفر بذمة الله، فلا يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفًا ).

أخرجه الترمذي: (1403) قال: وفي الباب عن أبي بكرة، قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه، عن أبي هريرة، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

قلت: نعم أخرجه الطبراني في “الأوسط”: (663)، والسهمي في “تاريخ “جرجان”: (ص:323)،

والحديث صحيح .

وأخرج البيهقي في “السنن الكبرى”: (٩\٢٠٥)، من طريق صفوان بن سليم، أعن ثلاثين من أبناء أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن آباءهم يراجع عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( ألا من ظلم معاهدًا وانتقصه وكلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة – وأشار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأصبعه إلى صدره – ألا ومن قتل معاهدًا له ذمة الله وذمة رسوله حرم الله عليه ريح الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة سبعين  خريفًا ).

و عن عمرو بن ميمون، عن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من وراءهم ولا يكلفوا إلا طاقتهم.

أخرجه البخاري.

الثالث: من صلى صلاة الصبح.

وفيه أحاديث:

  1. حديث جندب بن عبد الله البجلي:

عن جندب بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فيدركه في نار جهنم ).

أخرجه مسلم.

وجاء عن أبي هريرة وابن عمر  وأبي بكر وسمرة بن جندب و سعد بن طارق الأشعري.

ومعنى في ذمة الله أي : في عهده وأمانه وحفظه.

فيكبه أي: يصرعه إلى النار.

هذا ما وقفت عليه وهو ثابت والله أعلم.

وهي فائدة نفيسة  وبالله التوفيق.

فائدة رقم ٩٣: فتنة وكيع في تحديثه بحديث لو لم يحدث به لكان خيرًا له وتعقب الذهبي عليه

قال الذهبي ـ رحمه الله ـ في “تاريخ الإسلام” : ( 4/1237-1238) :

(قال) نوح بن حبيب: ثنا وكيع، ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال:

حضرت موت سفيان، فكان عامة كلامه: ما أشد الموت.

قال نوح: فأتيت ابن مهدي وقلت: حدثنا وكيع عنك، وحكيت له الكلام، وكان متكئًا فقعد، وقال: أنا حدثت أبا سفيان جزى الله أبا سفيان خيرًا، ومن مثل أبي سفيان، وما يقال لمثل أبي سفيان.

(قال) علي بن خشرم: نا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله البهي، أن أبا بكر الصديق جاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد وفاته، فأكب عليه فقبله، وقال: بأبي أنت وأمي، ما أطيب حياتك ومماتك.

ثم قال البهي: وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ترك يومًا وليلة حتى ربا بطنه، وأنثنت خنصراه.

قال ابن خشرم: فلما حدث وكيع بهذا بمكة اجتمعت قريش وأرادوا صلبه، ونصبوا خشبة ليصلبوه، فجاء ابن عيينة، فقال لهم: الله، هذا فقيه أهل العراق وابن فقيهه، وهذا حديث معروف، قال: ولم أكن سمعته، إلا أني أردت تخليص وكيع.

قال ابن خشرم: سمعته من وكيع بعدما أرادوا صلبه، فتعجبت من جسارته، وأخبرت أن وكيعًا احتج فقال: إن عدة من الصحابة منهم عمر قالوا: إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يمت، فأحب الله أن يريهم آية الموت.

رواها أحمد بن محمد بن علي بن رزين الباشاني، عن علي بن خشرم. ورواها قتيبة، عن وكيع.

وهذه هفوة من وكيع، كادت تذهب فيها نفسه.

فما له ولرواية هذا الخبر المنكر المنقطع وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( كفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع ).

ولولا أن الحافظ ابن عساكر وغيره ساقوا القصة في تواريخهم لتركتها ولما ذكرتها، ولكن فيها عبرة.

قال الفسوي في تاريخه: وفي هذه السنة حدث وكيع بمكة عن إسماعيل، عن البهي، وذكر) الحديث.

قال: فرفع إلى العثماني فحبسه، وعزم على قتله، ونصبت خشبته خارج الحرم، وبلغ وكيعًا وهو محبوس.

قال الحارث بن صديق: فدخلت عليه لما بلغني، وقد سبق إليه الخبر. قال: وكان بينه وبين سفيان بن عيينة يومئذ تباعد فقال: ما أرانا إلا قد اضطررنا إلى هذا الرجل واحتجنا إليه، يعني سفيان. فقلت: دع هذا عنك، فإن لم يدرك قتلت. فأرسل إليه وفزع إليه، فدخل سفيان على العثماني فكلمه فيه، والعثماني يأبى عليه، فقال له سفيان: إني لك ناصح، إن هذا رجل من أهل العلم، وله عشيرة، وولده بباب أمير المؤمنين، فتشخص لمناظرتهم.

قال: فعمل فيه كلام سفيان، وأمر بإطلاقه، فرجعت إلى وكيع فأخبرته. وأخرج، فركب حمارًا، وحملناه ومتاعه، فسافر. فدخلت على العثماني من الغد، وقلت: الحمد لله الذي لم تبل بهذا الرجل، وسلمك الله.

قال: يا حارث ما ندمت على شيء ندامتي على تخيلته. خطر ببالي هذه الليلة حديث جابر بن عبد الله قال: حولت أبي والشهداء بعد أربعين سنة فوجدناهم رطابًا يثبتون، لم يتغير منهم شيء.

قال الفسوي: فسمعت سعيد بن منصور يقول: كنا بالمدينة، فكتب أهل مكة، إلى أهل المدينة بالذي كان من وكيع، وقالوا: إذا قدم عليكم فلا تتكلوا على الوالي، وارجموه حتى تقتلوه.

قال: ففرضوا علي ذلك، وبلغنا الذي هم عليه، فبعثنا بريدًا إلى وكيع أن لا يأتي المدينة، ويمضي عن طريق الربذة، وكان قد جاور مفرق الطريقين ، فلما أتاه البريد رد ومضى إلى الكوفة.

وقد ساق ابن عدي هذه الواقعة في ترجمة عبد المجيد بن أبي رواد، ونقل أنه هو الذي أفتى بقتل وكيع.

فائدة رقم ٩٢: صفة صلاة المرأة كصفة صلاة الرجل

يجد الناظر في كتب الفقهاء:

أن المرأة تختص ببعض الأحكام في قيامها، وركوعها ، وسجودها، وجلوسها.

وليس على ذلك دليل صحيح وﻻ أثر ثابت عن الصحابة.

قال العلامة الألباني في “صفة الصلاة” :

كل ما تقدم من صفة صلاته صلى الله عليه وسلم يستوي فيه الرجال والنساء ولم يرد في السنة ما يقتضي استثناء النساء من بعض ذلك، بل إن عموم قوله صلى الله عليه وسلم : (صلوا كما رأيتموني أصلي ) يشملهن.

وهو قول إبراهيم النخعي قال: ( تفعل المرأة في الصلاة كما يفعل الرجل).

أخرجه ابن أبي شيبة (2/75/1) بسند صحيح عنه.

وحديث انضمام المرأة في السجود وأنها ليست في ذلك كالرجل مرسل لا حجة فيه رواه أبو داود في المراسيل (87/117)، عن يزيد بن أبي حبيب وهو مخرج في الضعيفة. (2652) .

وأما ما رواه الإمام أحمد في مسائل ابنه عبد الله عنه (ص71 ) عن ابن عمر أنه كان يأمر نساءه يتربعن في الصلاة ، فلا يصح إسناده؛ لأن فيه عبدالله بن عمر العمري وهو ضعيف .

وروى البخاري في “التاريخ الصغير” (ص 95) بسند صحيح عن أم الدرداء ( إنها كانت تجلس في صلاتها جلسة الرجل، وكانت فقيهة ). انتهى .

فعلى الناظر التحري فيما ينقل، ويضبط الأمر بالدليل، وما درج عليه السلف من الصحابة والتابعين.

فائدة رقم ٩١: أول من وضع الأيمان بالطلاق

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في الرد على السبكي في مسألة التعليق بالطلاق(1/41):

( فإن أول من رتب هذه الأيمان في البيعة هو : الحجاج بن يوسف على ما ذكره الفقهاء في كتبهم،

والحجاج إنما تولى العراق بعد قتل ابن الزبير، وَكَانَ ابْنُ عباس ـ رضي الله عنهما ـ قد مات قبل ذلك بمدة، وتوفي ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عام قتل ابن الزبير سنة بضع وسبعين،

وإمارة الحجاج على العراق من جهة عبد الملك، وتحليفه الناس له بأيمان البيعة بالطلاق  والعتاق  وصدقة المال كان بعد هذا، ثم كان من الناس من يحلفهم بها ومنهم من لا يحلفهم )

وهكذا بدأ :

فلا يعلم في زمن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، الحلف بالطلاق، وإنما على حسب ما ذكر عن الحجاج لأجل تأكيد البيعة، وتوسع الناس بعد، وﻻ يزال الأمر في ازدياد حتى صار اليوم هو أكثر أيمان عامة الناس.

وللناس في التلفظ بذلك صور مختلفة.

والحكم فيه على الصحيح يعود إلى نية الحالف :

  • إن قصد به إيقاع الطلاق فإن حنث وقعت طلقة.
  • وإن قصد به التأكيد أو الحث أو المنع أو التهديد إن حنث فعليه كفارة يمين.
فائدة رقم ٩٠: المحافظة على صلاة الفجر من أسباب الحفظ من الفتن

عقد الحافظ الترمذي في الجامع كتاب الفتن وبوب فيه فقال :

6-  باب من صلّى الصبح فهو في ذمّة الله.

(2303) – ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺑﻨﺪاﺭ ﻗﺎﻝ :

ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﻌﺪﻱ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﺑﻦ ﻋﺠﻼﻥ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ـ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ ﻗﺎﻝ: ( ﻣﻦ ﺻﻠﻰ اﻟﺼﺒﺢ ﻓﻬﻮ ﻓﻲ ﺫﻣﺔ اﻟﻠﻪ ﻓﻼ ﻳﺘﺒﻌﻨﻜﻢ اﻟﻠﻪ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ ﺫﻣﺘﻪ) .

قال : ﻭﻓﻲ اﻟﺒﺎﺏ ﻋﻦ ﺟﻨﺪﺏ، ﻭاﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻭﻫﺬا ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ ﻏﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ.

قلت :

الحديث صحيح لغيره.

معدي ضعيف ، وللحديث سند آخر عند الدارمي (1426) وفي سنده مجهولان، ولكن يشهد له:

  1. حديث جندب أخرجه مسلم(657).
  2. حديث ابن عمر أخرجه أحمد (5898).

 

وسياق الحديث في كتاب الفتن يعتبر من دقة فهم الترمذي ـ رحمه الله ـ،  وهذا معلوم بالنص الصحيح، والواقع.

فرحم الله علماء السلف ما كان أدقّ فهمهم وما أحوجنا إليه في كل زمان.

فائدة رقم ٨٩ : ما نقله المزي في تهذيب الكمال من ألفاظ الجرح والتعديل بصيغة الجزم فهو ثابت عنده إلى من نقله

قال المزي ـ رحمه الله ـ في مقدمة كتاب” تهذيب الكمال” :

ﻭاﻋﻠﻢ: ﺃﻥ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﻗﻮاﻝ ﺃﺋﻤﺔ اﻟﺠﺮﺡ ﻭاﻟﺘﻌﺪﻳﻞ ﻭﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ، ﻓﻌﺎﻣﺘﻪ ﻣﻨﻘﻮﻝ:

  • ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ “اﻟﺠﺮح ﻭاﻟﺘﻌﺪﻳﻞ” لأﺑﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺗﻢ اﻟﺮاﺯﻱ اﻟﺤﺎﻓﻆ اﺑﻦ اﻟﺤﺎﻓﻆ،
  • ﻭﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ “اﻟﻜﺎﻣﻞ” لأﺑﻲ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺪﻱ اﻟﺠﺮﺟﺎﻧﻲ اﻟﺤﺎﻓﻆ،
  • ﻭﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ “ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺑﻐﺪاﺩ” لأﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ اﻟﺨﻄﻴﺐ اﻟﺒﻐﺪاﺩﻱ اﻟﺤﺎﻓﻆ،
  • ﻭﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ “ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺩﻣﺸﻖ” لأﺑﻲ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻫﺒﺔ اﻟﻠﻪ اﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﺑﻦ ﻋﺴﺎﻛﺮ اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ اﻟﺤﺎﻓﻆ.
  • ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻘﻮلًا ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻫﺬﻩ اﻟﻜﺘﺐ اﻷﺭﺑﻌﺔ، ﻓﻬﻮ ﺃﻗﻞ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻘﻮﻻً ﻣﻨﻬﺎ، ﺃﻭ ﻣﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ،

ﻭﻟﻢ ﻧﺬﻛﺮ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﻛﻞ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﻗﺎﺋﻠﻪ ﺧﻮﻑ اﻟﺘﻄﻮﻳﻞ،

ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ الشيء ﺑﻌﺪ الشيء ﻟﺌﻼ ﻳﺨﻠﻮ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻦ اﻹﺳﻨﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻣﻨﺎ ﻣﻦ اﻷﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ،

ﻭﻣﺎ ﻟﻢ ﻧﺬﻛﺮ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﻗﺎﺋﻠﻪ: ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﺠﺰﻡ، ﻓﻬﻮ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩﻩ ﻋﻦ ﻗﺎﺋﻠﻪ اﻟﻤﺤﻜﻲ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﻪ ﺑﺄﺳﺎ، ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻪ ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﺘﻤﺮﻳﺾ، ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﻗﺎﺋﻠﻪ ﺫﻟﻚ ﻧﻈﺮ،

ﻓﻤﻦ ﺃﺭاﺩ ﻣﺮاﺟﻌﺔ شيء ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻭ ﺯﻳﺎﺩﺓ إﻃﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻝ ﺑﻌﺾ اﻟﺮﻭاﺓ اﻟﻤﺬﻛﻮﺭﻳﻦ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺑﻬﺬﻩ الأﻣﻬﺎﺕ اﻷﺭﺑﻌﺔ ﻓﺈﻧﺎ ﻗﺪ ﻭﺿﻌﻨﺎ ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ ﻫﺬا ﻣﺘﻮﺳﻄًﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﻄﻮﻳﻞ اﻟﻤﻤﻞ، ﻭاﻻﺧﺘﺼﺎﺭ اﻟﻤﺨﻞ. انتهى

قلت :

والمنقول فيه بصيغة الجزم هو جمهور نقولاته؛ وماينقله بصيغة التمريض فقليل بجانب ما ينقله بصيغة الجزم،

وقد أضاف العلامة مغلطاي في  “إكمال تهذيب الكمال” جملة من ألفاظ الجرح والتعديل حسنة مفيدة ليست في “تهذيب الكمال”، لخصها الحافظ في “تهذيب التهذيب” وقل ما زاد على ذلك.

 

 

فائدة رقم ٨٨: بعض القرائن الدالة على عدم سماع الراوي ممن روى عنه بالكلية أو في حديث بعينه

للنقاد في ذلك قرائن مختلفة،  ذكر ابن رجب ـ رحمه الله ـ منها ثلاثًا وهي كالتالي :

  1. القرينة الأولى:

رواية الراوي عن شيخٍ من غير أهل بلده ولم يعلم أنه رحل إلى بلده، ولا أن الشيخ قدم إلى بلد كان الراوي عنه فيها.

  • قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ: ( ومما يستدل به أحمد وغيره من الأئمة على عدم السماع والاتصال:

أن يروي عن شيخ من غير أهل بلده لم يعلم أنه رحل إلى بلده، ولا أن الشيخ قدم إلى بلد كان الراوي عنه فيه.

  • نقل منها عن أحمد قال: ( لم يسمع زرارة بن أوفى من تميم الداري، تميم بالشام وزرارة بصري).
  • وقال أبو حاتم في رواية ابن سيرين عن أبي الدرداء: ( لـقد أدركه، ولا أظنه سمع منه، ذاك بالشام وهذا بالبصرة).
  • وقال ابن المديني: ( لم يسمع الحسن من الضحاك بن قيس، كان الضحاك يكون بالبوادي).
  • وقال الدار قطني: ( لا يثبت سماع سعيد بن المسيب من أبي الدرادء، لأنهما لم يلتقيا». ومراده أنه لم يثبت التقاؤهما، لا أنه ثبت انتفاؤه، لأنه نفيه لم يرد في رواية قط)).
  1. القرينة الثانية :

أن يكون الراوي يروي عمن عاصره أحيانًا – ولم يثبت لقيه له – ثم يدخل أحيانًا بينه وبينه واسطة.

قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ: ( فإن كان الثقة يروي عمن عاصره أحيانًا ولم يثبت لقيه له، ثم يدخل أحيانًا بينه وبينه واسطة فهذا يستدل به هؤلاء الأئمة على عدم السماع منه.

  • قال أحمد: ( البهي ما أراه سمع من عائشة، إنما يروي عن عروة عن عائشة).

قال: ( وفي حديث زائدة عن السدي عن البهي قال: حدثتني عائشة).

قال: ( وكان ابن مهدي سمعه من زائدة، وكان يدع منه “حدثتني عائشة”، ينكره )).

  • قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ : (وقال أبو حاتم في يحيى بن أبي كثير: ( ما أراه سمع من عروة بن الزبير لأنه يدخل بينه وبينه رجلًا ورجلين، ولا يذكر سماعًا ولا رؤية ولا سؤاله عن مسألة).
  • وقال أحمد في رواية قتادة عن يحيى بن يعمر: ( لا أدري سمع منه أم لا؟ قد روى عنه، وقد روى عن رجل عنه).
  • وقال أيضًا: ( قتادة لم يسمع من سليمان بن يسار، بينهما أبو الخليل، ولم يسمع من مجاهد، بينهما أبو الخليل).
  • وقال في سماع الزهري من عبد الرحمن بن أزهر: ( قد رآه -يعني ولم يسمع منه – قد أدخل بينه وبينه طلحة بن عبد الله ابن وهب).
  • ولم يصحح قول معمر وأسامه: (عن الزهري سمعت عبد الرحمن بن أزهر).
  • وقال أبو حاتم: ( الزهري لم يثبت له سماع من المسور، يدخل بينه وبينه سليمان بن يسار وعروة بن الزبير).

وكلام أحمد، وأبي زرعة، وأبي حاتم في هذا المعنى كثير جداً يطول الكتاب بذكره.

وكله يدور على مجرد ثبوت الرؤية لا يكفي في ثبوت السماع، وأن السماع لا يثبت بدون التصريح به، وأن رواية من روى عمن عاصره تارة بواسطة وتارة بغير واسطة يدل على أنه لم يسمع منه، إلا أن يثبت له السماع منه من وجه.

  • وكذلك رواية من هو في بلد عمن ببلد آخر، ولم يثبت اجتماعهما ببلد واحد يدل على عدم السماع منه.

وكذلك كلام ابن المديني، وأحمد، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والبرديجي، وغيرهم في سماع الحسن من الصحابة كله يدور على هذا، وأن الحسن لم يصح سماعه من أحد من الصحابة إلا بثبوت الرواية عنه أنه صرح بالسماع منه ونحو ذلك [ وإلا فهو مرسل].

  1. القرينة الثالثة :

ثبوت خطأ التصريح بالسماع أو التحديث أو الإخبار في الأسانيد.

أقول:

الخطأ يقع في صيغ الأداء كما يقع في الأسانيد والمتون، وتجد النقاد ينكرون التصريح في مواطن ثبت عندهم خطأ التصريح فيها.

قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ: ( وكان أحمد يستنكر دخول التحديث في كثير من الأسانيد، ويقول: ( هذا خطأ )، يعني: ذكر السماع.

  • قال في رواية هدبة عن حماد عن قتادة نا خلاد الجهني: ( هو خطأ، خلاد قديم، ما رأى قتادة خلادًا).
  • وذكروا لأحمد قول من قال: عن عراك بن مالك سمعت عائشة، فقال: ( هذا خطأ )، وأنكره، وقال: (عراك من أين سمع من عائشة؟، إنما يروي عن عروة عن عائشة ).
  • وكذلك ذكر أبو حاتم الرازي: أن بقية بن الوليد كان يروي عن شيوخ ما لم يسمعه، فيظن أصحابه أنه سمعه، فيروون عنه تلك الأحاديث ويصرحون بسماعه لها من شيوخه ولا يضبطون ذلك وحينئذ فينبغي التفطن لهذه الأمور، ولا يغتر بمجرد ذكر السماع والتحديث في الأسانيد، فقد ذكر ابن المديني أن شعبة وجدوا له غير شيء يذكر فيه الإخبار عن شيوخه، ويكون منقطعًا.
  • وذكر أحمد أن ابن مهدي حدث بحديث عن هشيم أنا منصور بن زاذان، قال أحمد: ( ولم يسمعه هشيم من منصور )).

وهناك قرائن أخرى لم يذكرها ابن رجب لعل الله أن ييسر لي ذكرها في موضع آخر بمشيئة الله تعالى.

فائدة رقم ٨٧: الخاتمة الحسنة لزرارة ابن أوفى ـ رحمه الله ـ

قال ابن ماسي عبدالله بن إبراهيم بن أيوب المتوفى سنة (  369) في جزئه الحديثي :

35 – ثنا أبو جعفر أحمد بن علي الخراز إملاء سنة ست وثمانين  ومائتين، ثنا عبد الواحد بن غياث، ثنا أبو جناب القصاب،

قال: صلى بنا زرارة بن أوفى الفجر، فلما بلغ :

( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ )[المدثر ٨]، شهق شهقة فمات ـ رحمه الله ـ.

سنده صحيح .

وهو أثر مشهور أخرجه عدد من الحفاظ والمحدثين منهم :

ابن سعد في الطبقات (7/150)،

والحاكم في المستدرك (2/506)،

و ابن أبي الدنيا .

و زرارة هو ابن أوفى العامري  أبو حاجب الحرشي قاضي البصرة أحد ثقات التّابعين وعُبّادهم.

توفي في صلاته المذكورة سنة (93).

  • وفيه من الفوائد :
  1. عظيم الخوف في زمن السلف.
  2. حسن الخاتمة للصادقين مع الله.
  3. تذكر المصلي واتعاظ نفسه بقرآءته.
فائدة رقم ٨٦: يرجع في كل علم إلى أهله المتقنين له وفضل علماء الحديث على سواهم

قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في “منهاج السنة” (4/10):

( المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب، والمرجع في التمييز بين هذا وبين هذا إلى أهل الحديث، كما يرجع إلى النحاة في النحو، ويرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة، وكذلك علماء الشعر والطب وغير ذلك،

فلكل علم رجال يعرفون به، والعلماء بالحديث أجل قدرًا من هؤلاء وأعظمهم صدقًا وأعلاهم منزلةً وأكثرهم دينًا).

وقال الشوكاني ـ رحمه الله ـ في “أدب الطلب”  (ص:86):

( وبالجملة فمن عرف الفنون وأهلها معرفة صحيحة لم يبقَ عنده شك أن إشتغال أهل الحديث بفنهم لا يساويه اشتغال سائر أهل الفنون بفنونهم ولا يقاربه، بل لا يعد بالنسبة إليه كثير شيء فإن طالب الحديث لا يكاد يبلغ من هذا الفن بعض ما يريده إلا بعد أن يفني صباه وشبابه وكهولته وشيخوخته فيه ويطوف الأقطار ويستغرق بالسماع والكتب الليل والنهار، ونحن نجد الرجل يشتغل بفن من تلك الفنون العام والعامين والثلاثة فيكون معدودًا من محققي أهله ومتقنيهم، فما بالكم أيها المقلدة إذا أردتم الرجوع إلى فن السنة لم تصنعوا فيه كما تصنعونه في غيره من الرجوع إلى أهل الفن وعدم الاعتداد بغيرهم، وهل هذا منكم إلا التعصب البحت والتعسف الخالص والتحكم الصرف، فهلّا صنعتم في هذا الفن الذي هو رأس الفنون وأشرفها؟ كما صنعتم في غيره؟ فرجعتم إلى أهله وتركتم ما تجدونه مما يخالف ذلك في مؤلفات المشتغلين بالفقه الذين لا يفرقون بين أصح الصحيح وأكذب الكذب كما يعرف ذلك من يعرف نصيبًا من العلم وحظًّا من العرفان).

فائدة رقم ٨٥: متى يشترط في الراوي المنسوب إلى التدليس التصريح بالتحديث

لأهل العلم في ذلك ثلاثة أقوال :

  1. القول الأول :

إذا علم بالتدليس ولو مرة فلا بد من تصريحه وإلا فلا يقبل وهذا قول الشافعي.

قال الحافظ ابن رجب ـ رحمة الله عليه ـ : ( ولم يَعْتَبِرِ الشّافعي أن يتكرر التدليس من الراوي ولا أن يغلب على حديثه، بل اعتبر ثبوت تدليسه ولو بمرة واحدة ).

  1. القول الثاني :

إذا غلب أو كثر تدليسه، فلا يقبل حتى يصرح وإلا رد، وهذا قول الجمهور.

قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ  ( واعتبر غيره من أهل الحديث أن يغلب التدليس على حديث الرجل، وقالوا: إذا غلب عليه التدليس لم يقبل حديثه حتى يقول: ثنا، وهذا قول ابن المديني، حكاه يعقوب بن شيبة عنه.

وذكر مسلم في مقدمة كتابه: ( أنه إنما يُعْتَبَرُ التصريح بالسماع ممن شهر بالتدليس وعرف به).

وهذا يحتمل أن يريد به كثرة التدليس في حديثه، ويحتمل أن يريد به ثبوت ذلك عنه وصحته، فيكون كقول الشافعي.

  1. القول الثالث :

التفريق بين من يدلس عن الثقات ومن يدلس عن غيرهم، واعتبروا كثرة التدليس في حق من يدلس عن غير الثقات.

قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ: ( وفرقت طائفة بين أن يدلس عن الثقات أو عن الضعفاء، فإن كان يدلس عن الثقات قبل حديثه وإن عنعنه، وإن كان يدلس عن غير الثقات لم يقبل حديثه حتى يصرح بالسماع، وهذا الذي ذكره حسين الكرابيسي وأبو الفتح الأزدي الموصلي الحافظ، وكذلك ذكره طائفة من فقهاء أصحابنا، وهذا بناء على قولهم: بقبول المراسيل واعتبروا كثرة التدليس في حق من يدلس عن غير الثقات).

الراجح:

قول الجمهور، وقد قسم العلائي في “جامع التحصيل ص:113” المدلسين إلى خمس طبقات،

وتبعه الحافظ في “تعريف أهل التقديس ص62″،

فجعلا الطبقة الأولى والثانية وهم من لم يوصف بالتدليس إلا نادرًا كيحيى بن سعيد الأنصاري، وهشام بن عروة.

أو كان إمامًا قليل التدليس بجانب ماله من الرواية وهذا الزهري والأعمش والنخعي والسبيعي ونحوهم.

فهؤلاء تحمل عنعنتهم على السماع حتى يثبت التدليس أو تدل عليه قرينة مثبته لذلك.

وهذا هو قول شيخنا الوادعي ـ رحمه الله ـ فكان يرى أن أبا إسحاق ومكحول وقتادة ونحوهم تقبل عنعنتهم ما لم يثبت تدليسهم في الخبر بعينه أو ينص حافظ على تدليسهم في حديث بعينه.

بقي أن ينزل كل واحد من المدلسين في مرتبته التي يستحقها من غير وكس وﻻ شطط: من حيث كثرته وعدمها، وفحشه وعدمه ونوعيته.

  • فمن كان مقلًا ذكر بالقلة كيحيى بن سعيد الأنصاري.
  • ومن كان مكثرًا ذكر بذلك كمحمد بن إسحاق، وأبي الزبير.
  • ومن كان فاحشًا ذكر بذلك كإبن جريج.
  • ومن كان يدلس تدليس التسوية ذكر بذلك كبقية والوليد بن مسلم.
  • ومن كان معروفًا بتدليس الشيوخ ذكر بذلك كالثوري.

والله أعلم.

فائدة رقم ٨٤: معنى قول أحمد من ادعى الإجماع فقد كذب

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في كتاب ” الرد على السبكي في مسألة التعليق بالطلاق” (1/14-15):

( وأحمد كان يقول من ادعى الإجماع فقد كذب وما يدريه أن الناس أجمعوا )، كان مقصوده بذلك أن يرد ما يحكى له عن أبي ثور ونحوه من الإجماعات فإن طائفة من أصحابه كانوا يسألونه عن أشياء يقولها أبو ثور، وكان أبو ثور إمامًا مجتهدًا فقيهًا أفقه أهل بغداد أو من أفقه أهل بغداد بعد أحمد وكان أحمد كثيرًا يدل عليه في الفتيا فيقول للسائل : (سل الفقهاء سل أبا ثور )،  ويقول :(هو في مسلاخ الثوري )، وكان أحيانًا ينكر عليه إذا رأى أنه قال أقوالًا مبتدعة وفي رواية أخرى عنه ( كيف يجوز للرجل أن يقول أجمعوا؟، إذا سمعتهم يقولون أجمعوا؛ فاتهمهم . لو قال إني لم أعلم مخالفًا جاز ).

وكذلك نقل عنه أبو طالب أنه قال: هذا كذب ما علمه أن الناس مجمعون؟ ولكن يقول لا أعلم فيه اختلافًا، فهو أحسن من قوله إجماع الناس.

وكذلك نقل عنه أبو الحارث: (لا ينبغي لأحد أن يدعي الإجماع لعل الناس اختلفوا )

فأحمد وأمثاله يقولون: (من ادعى الإجماع في مثل هذا فقد كذب وما يدريه أن الناس أجمعوا ولكن يقول لا أعلم منازعًا ).

وعدم علمه بالمنازع لا يزيل به ما بيّنه الله ورسوله في كتابه وسنة نبيّه من الدلالة البيّنة لفظًا ومعنى.

وللشيخ الإسلام إيضاح حول هذا في المسودة فليراجعه من شاء .

فائدة رقم ٨٣: حكم من نجح بشهادة غشّ فيها، ولكنه يحسن العمل الذي أنيط به

قال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ كما في “مجموع رسائله”  (19/32) :

في رجل يعمل بشهادة علمية وقد غشّ في امتحانات هذه الشهادة، وهو الآن يحسن هذا العمل بشهادة مرؤوسيه :

( لا حرج عليه إن شاء الله، وعليه التوبة إلى الله مما جرى من الغش، وهو إذا كان قائمًا بالعمل كما ينبغي فلا حرج عليه من جهة كسبه، لكنه أخطأ في الغش السابق وعليه التوبة إلى الله من ذلك).

أقول :

وهذه الفتوى النّافعة في حق من أحسن العمل المناط به أن كسبه  حلال، أمَّا الغش نفسه فمحرم بدلالة القرآن و السنة والإجماع.

وﻻ يفهم من ذلك جواز الغش لمن أيقن من نفسه أنه سيحسن العمل الذي يتقدم إليه بناءً على تلك الشهادة، بل الغش محرم مطلقًا، ويجب على من وقع فيه التوبة إلى الله من ذلك .

وبالله التوفيق.

فائدة رقم ٨٢: شروط الضمان ستة على الراجح
  1. العقل:

فلا يصح ضمان المجنون ولا المبرسم وهو الذي يهذي وهذا بلا خلاف.

  1. البلوغ :

فلا يصح ضمان الصبي غير المميز بلا خلاف وكذا المميز على الراجح.

  1. عدم الحجر:

فلا يصح ضمان المحجور عليه لسفهه،  وأما المحجور عليه لفلسه فيصح ضمانه ويتبع به بعد فك الحجر عنه.

  1. الحرية :

وفي اشتراطها تفاصيل وخلاف للعلماء.

  1. الصحة :

فحكم ضمان من كان مريضًا مرض الموت أنه يحسب من ثلثه.

  1. الرضا : ولا خلاف في ذلك.
  • ولا يُشترط الذكورية في الضمان فيصح ضمان المرأة ولو كانت متزوجة ولو كان بغير إذن زوجها.
فائدة رقم ٨١: حكم الحاسد المتسلّط بالعين على الناس

قال أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي (ت :656 ):

( من عُرف بالإصابة بالعين مُنع من مداخلة الناس دفعًا لضرره، قال بعض العلماء يأمره الإمام بلزوم بيته، وإن كان فقيرًا رزقه ما يقوم به وكف أذاه عن الناس، ولو انتهت اصابته العين إلى أن يعرف بذلك ويعلم من حاله أنه كلما تكلم بشيء معظمًا له أو متعجبًا منه أصيب ذلك الشيء وتكرر ذلك بحيث يصير ذلك عادة فما أتلفه بعينه غرمه، وإن قتل أحدًا بعينه عامدًا لقتله قُتل به كالسّاحر القاتل بسحره عند من لا يقتله كفرًا ).

هذا القول الأول في المسألة.

والقول الثاني:

  • ذهب الشافعية إلى أنه لا قصاص ولا دية ولا كفارة على الحاسد أو العائن في هذه الحالة

معللين: أن ذلك لا يقتل غالبًا ولا يعد مهلكًا.

  • قال النووي ـ رحمه الله ـ :

( ولا ديّة فيه ولا كفارة؛ لأن الحكم إنما يترتب على منضبط عام دون ما يختصّ ببعض الناس في بعض الأحوال مما لا انضباط له كيف ولم يقع منه فعل أصلًا، إنما غايته حسد وتمنّي زوال نعمة،

وأيضًا عن الإصابة بالعين حصول مكروه لذلك الشخص وﻻ يتعين ذلك المكروه في زوال الحياة فقد يحصل له مكروه بغير ذلك من أثر العين).

  • والراجح أن مرجع ذلك إلى الإمام يتصرف بما يراه مناسبًا.

لكن لا يسمح لمثل هذا الصنف من الناس بعد اليقين بمعرفة ضرره على الناس أن يخالطهم.

فقد نقل ابن بطال عن بعض أهل العلم : أنه ينبغي للإمام منع العائن إذا عرف بذلك من مداخلة الناس وأن يلزم بيته فإن كان فقيرًا رزقه ما يقوم به فإن ضرره أشد من ضرر المجذوم الذي أمر عمر ـ رضي الله عنه ـ بمنعه من مخالطة الناس كما تقدم واضحًا في بابه وأشد من ضرر الثوم الذي منع الشارع آكله من حضور الجماعة وعقب النووي على الرأي بقوله :

وهذا القول صحيح متعين لا يعرف عن غيره تصريح بخلافه.

وينبغي الانتباه إلى أمر في غاية الأهمية في هذا المقام ألا وهو عدم إتّهام أحدًا من الناس بالحسد أو العين إلا بالبيّنة المتمثلة في الإقرار أو العلم من حاله أنه كلما تحدث بشيء على جهة التعظيم أو التعجب منه أصيب ذلك الشيء وتكرر منه بحيث تصير عادة له.

ينظر الفتح:  (9/73  ) (10/205)،

المفهم : (5/568)،

وروضة الطالبين للنووي: (9/348)،

و (مجلة الشريعة).

فائدة رقم ٨٠: هل الدَّين مال حقيقة؟
  • في المسألة قولان لأهل العلم :
  1. الأول : ذهب الحنفية ومعهم الشافعية في وجه إلى :

أن الدين لا يعتبر ما لا حقيقة؛ وذلك لأن المال في رأي الحنفية ما يميل إليه طبع الإنسان ويمكن ادِّخاره لوقت الحاجة، والدَّين ليس قابلًا للادّخار.

  1. القول الثاني : أنه مال حقيقي وهو مذهب الجمهور من المالكية والحنابلة، والقول الراجح عند الشافعية، فَيَرون أن الدَّين مال حقيقة، لأن المال عندهم يطلق على ما يملك وما فيه منفعة مباحة.

وهذا هو الراجح.

  • و قد ذكر أكثر الحنفية أنفسهم في تعريف الدَّين أنه: اسم لمال واجب في الذمة.

 ومن فوائد هذه المسألة على القول الراجح:

أن من مَلَكَ دُيُونًا على الناس، بلغت النصاب، وحال عليها الحول، ويُرجى حصولها؛ تلزمه فيها الزكاة.

فائدة رقم٧٩: الأحاديث المسندة خارج الصحيحين ﻻ يحتجّ بها إلا بعد معرفة ثبوتها

درج كثير من الفقهاء وغيرهم على الاستدلال بالأحاديث المسندة خارج الصحيحين من غير حكم عليها وحجتهم أنها مسندة في دواوين المسلمين، وكونها مسندة ﻻ يعني ثبوتها باتفاق المحدثين، وهذه بعض نصوصهم في ذلك:

  • قال الحافظ بن حجر ـ رحمه الله: ( السبيل لمن أراد الاحتجاج بحديث من “السنن الأربعة (لا سيما) سنن بن ماجة”، ومصنف بن أبي شيبة، ومصنف عبد الرزاق، مما الأمر فيها أشد أو بحديث من المسانيد؛ لأن هذه لم يشترط جامعوها الصحة والحسن: إن كان أهلًا للنقل والتصحيح، فليس له أن يحتج بشيء من القسمين حتى يحيط به، وإن لم يكن أهلًا لذلك: فإن وجد أهلاً للتصحيح أو تحسين قلده ، وإلا فلا يقدم على الاحتجاج كحاطب ليل، فلعله يحتج بالباطل وهو لا يشعر.
  • وقال العلامة زكريا الأنصاري في “فتح الباقي شرح منظومة العراقي”:

( من أراد الاحتجاج بحديث من السنن أو من المسانيد إن كان متأهلًا لمعرفة ما يحتج به من غيره فلا يحتج به حتى ينظر في اتصال إسناده وأحوال رواته، وإلا فإن وجد أحدًا من الأئمة صححه أو حسنه فله تقليده وإلا فلا يحتج به ) .

  • وقال العلامة اللكنوني في “الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة”:

( لا يجوز الاحتجاج في الأحكام بكل ما في الكتب المذكورة وأمثالها من غير تعمق يرشد إلى التمييز، لما مر أنها مشتملة على الصحاح والحسان والضعاف، فلا بد من التمييز بين الصحيح لذاته أو لغيره أو الحسن لذاته أو لغيره؛ فيحتج به، وبين الضعيف بأقسامه، فلا يحتج به.

فيأخذ الحسن من مظانه، والصحيح من مظانه، ويرجع إلى تصريحات النقاد الذين عليهم الاعتماد وينتقد بنفسه إن كان أهلًا لذلك فإن لم يوجد شيء من ذلك وقف فيما هنالك).

  • أقول:

وقد هيأ الله لهذا الزمان جمع من أهل العلم الذين اعتنوا بالحكم على الأسانيد بما تستحقه على حسب اجتهاداتهم منهم :

  • العلامة الألباني فقد حكم على أسانيد أحاديث كثير من دواوين السنة فتيسر بذلك سهولة النقل لتلك الأحكام .
  • وهكذا شيخنا مقبل حكم على جملة طيبة من الأحاديث خارج الصحيحين مع عنايته بالعلل والتنقية الدقيقة.
  • وهكذا غيرهما ممن جاء بعدهما كالشيخ الأرناؤوط مع مكتب التحقيق لديه ـ رحمهم الله ـ.

فصار متعينًا الحكم على الحديث المنقول ببيان مرتبته سواء من كلام الحفاظ المتقدمين أو المتأخرين أو العلماء المعتبرين المعاصرين.

وإياك إياك أن تكون حاطب ليل فتذكر كلما هب ودرج من غير تمحيص ونظر.

فإن التحديث بالأحاديث الضعيفة غير جائز حتى في فضائل الأعمال، كما هو قول المحققين في هذا الشأن.

وبالله التوفيق.

 

فائدة رقم٧٨: ما ينبغي أن يكون عليه الزوجان عند كبر سنهما

حسن العشرة مطلوب بين الزوجين في كبر سنهما كما هو مطلوب في شبابهما

قال الله تعالى : (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )،

وقال: ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ )،

وهذا الأمر على طول  الحياة بين الزوجين حتى الموت كل مرحلة بحسبها.

ولكن بعض الناس يمضي عمرًا مع زوجته، فإذا كبر سنها وتغيرت أحوالها كان فراقها أقرب ما يكون إليه وﻻ يبالي بها حيث ما وقعت بعد ذلك وهذا من سوء العشرة ونكران المعروف بمكان.

قال الحارث بن أبي أسامة كما في ” بغية الباحث ” (495 ):

ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺩاؤﺩ ﺑﻦ ﺭﺷﻴﺪ، ﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺮﺏ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ، ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺟﺎﺑﺮ، ﻋﻦ اﻟﻤﻘﺪاﻡ ﺑﻦ ﻣﻌﺪﻱ ﻛﺮﺏ ـ رضي الله عنه ـ ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ـ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ ﻗﺎﻡ ﻓﻲ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﺤﻤﺪ اﻟﻠﻪ ﻭﺃﺛﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ( ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻮﺻﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء ﺧﻴﺮ،ا، ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻳﻮﺻﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء ﺧﻴﺮًا، ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻳﻮﺻﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء ﺧﻴﺮًا، ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻳﻮﺻﻴﻜﻢ ﺑﺄﻣﻬﺎﺗﻜﻢ، ﻭﺑﻨﺎﺗﻜﻢ، ﻭﺃﺧﻮاﺗﻜﻢ، ﻭﻋﻤﺎﺗﻜﻢ، ﻭﺧﺎﻻﺗﻜﻢ، ﺇﻥ اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ ﻟﻴﺘﺰﻭﺝ اﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭﻣﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻟﻪ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺮ، ﻓﻤﺎ ﻳﺮﻏﺐ ﻭاﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻮﺗﺎ ﻫﺮﻣًﺎ).

قال أبو سلمة: فحدثت بهذا الحديث العلاء بن سفيان الغساني، فقال : لقد بلغني أن من الفواحش التي حرم الله مما بطن مما لم يبين ذكرها في القرآن الكريم، أن يتزوج الرجل بالمرأة، فإذا قدمت صحبتها وطال عهدها، ونفضت ما في بطنها طلقها من غير ريبة .

الحديث ضعيف .

لكن الأثر من قول أبي سلمة عن العلاء صحيح عنه .

  • أقول:

وهكذا بالمقابل بعض النساء إذا كبر زوجها وتقادم سنه وتغير حاله وطبعه كرهته، وأحب شيء لديها البعد عنه، وهذا إن كان مع قدرتها على خدمته من نكران الجميل، ومخالفة سنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي أوجب على المرأة حق الزوج بما ﻻ يكون لأحد من الناس .

وخير الزوجين من تدوم محبتهما في كبرهما كما كانت في شبابهما يوصي كل واحد منهما بصاحبه ويعطف عليه ويرق له.

فما يفتآ أن يموتا ويلتقيا مرة أخرى في الجنة إن كانا من أهلها فإن المرأة لآخر أزواجها .

وبالله التوفيق.

فائدة رقم٧٧ : العصبة بالغير

هم أربعة أصناف:

  1. البنت مع الابن فأكثر.
  2. بنت الابن فأكثر مع :
  3. إبن الابن فأكثر :

الذي هو في درجتها كان هو:

  • أخوها.أو
  • ابن عمها.أو
  1. ابن الابن الذي هو أنزل منها إذا احتاجت إليه وهذا فيه خلاف.

الدليل : قال الله تعالى  (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الإنثيين)

وابن الابن يدخل في عموم (أولادكم) على الصحيح.

  1. الأخت الشقيقة فأكثر مع الأخ الشقيق فأكثر.
  2. الأخت لأب فأكثر مع الأخ لأب فأكثر.

الدليل : قال تعالى (وإن كانوا إخوة رجالاً ونساء فلذكر مثل حظ الأنثيين)

فقوله :(إخوة ) يشمل الصنفين.

فائدة رقم٧٦ : اهتمام المحدّثين باستظهار علل الأحاديث
  • أخرج ابن عساكر في “تاريخ دمشق” (61/255):

من طريق مؤمل بن إهاب، ثنا عبدالله بن المغيرة، عن سفيان، عن أبية، عن عكرمة، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :

( اليل والنهار مطيّتان فاركبوهما بلاغًا إلى الآخرة ).

قال مؤمل: فذاكرت أبا عاصم النبيل هذا الحديث،

فقال: ما تنكر من هذا الحديث؟

فقلت: ذاكرت به في الحجاز والشام ومصر والعراق فلم يكن أحد يعرفه.

هكذا كان النقاد يفعلون مع الأحاديث المستغربة يسألون عنها أهل العلم فرب علة ﻻ تظهر للمحدث إلا بعد زمن .

  • قال ابن مهدي كما في الجرح والتعديل (1/65) :

( مكثت زمنًا أحمل الخطأ على سفيان حتى نظرت في كتاب غندر عن شعبة …)

  • ولهذا قال يزيد بن أبي حبيب ـ رحمه الله ـ: ( إذا سمعت الحديث فانشده كما تنشد الضالة، فإن عرف فخذه وإلا دفعه).

أخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/19) وسنده حسن.

وللأسف اليوم إذا وجد بعضهم حديثًا أعجبه وقد ضعفه جهابذة الحديث وناقد الأثر، ينظر لعله قد حسن ولو من بعض المتساهلين ويمشي على ذلك .

وهذا خلل عظيم في تصفية السنة فكن منه على حذر.

فائدة رقم٧٥ : من ههنا تُرْمَوْن نجيئكم برسول الله وتجيئون بأبي بكر وعمر!

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني ـ رحمه الله ـ في كتاب “المطالب العالية” :

باب الإعتمار في عَشْر ذي الجِحّة

١٢٨٧ــــ قال إسحاق: حدثنا سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة،

قال: عروة بن لابن عباس: ويحك! أضللت؟

تأمرنا بالعمرة في العشر، وليس فيهن عمرة!؟

فقال: يا عُرُّي فَسَلْ أُمَّكَ!

قال: إن أبابكر وعمرَ لم يقولا ذلك، وكانا أعلم برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، واتبع لها منك.

فقال: من ههنا تُرْمَوْن نجيئكم برسول الله وتجيئون بأبي بكر وعمر! .

قال الحافظ:

سنده صحيح وبعضه مما يتعلق بالعمرة في صحيح مسلم، وإليه الإشارة بقول ابن عباس في الصحيحين: سنة أبي القاسم لما قال له أبو جَمْرة: إنه رأى في المنام من يقول له: عُمْرَةٌ مُتَقَبّلة، أو مُتعَةٌ مُتقبلةٌ.

قلت:

الدلالة جليّة على العنوان .

  • وفيه من الفوائد:
  1. لزوم الصحابة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  2. التنبيه على لزوم السنة عند وجود ما يخالف ذلك.
  3. مناقشة الطالب لشيخه.
  4. صحة العمرة في أشهر الحج .
فائدة رقم٧٤ : كثرة وقوع الطلاق وكثرة فتاوى العلماء فيه

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتاب “إعلام الموقعين” (5/540)، وهو يتكلم عن شيخ الإسلام في مسألة الطلاق المعلق وأنه يعود إلى نية المتكلم وليس طلاقاً منجزًا:

( صار إلى ربه وهو مقيم عليها داع إليها مباهل لمنازعيه باذل نفسه وعرضه وأوقاته لمستفتيه فكان يفتي في الساعة الواحدة فيها بقلمه ولسانه أكثر من أربعين فتيا ).

قلت:

وهذا العدد الضخم من الإفتاء في هذه المسألة يشبهه ما كان يحصل للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في مسائل الطلاق عمومًا، فقد ذكر الشيخ محمد الموسى في كتابه “جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز” (ص 93 ) عددًا ضخمًا، قال ـ وفقه الله ـ :

( ولقد جمعت فتاوي الطلاق الصادرة بتوقيع سماحته وبلغت سبعًا وعشرين ألف فتوى طلاق تقريبًا هذا زيادة على فتاواه التي لم تسجل كفتاواه لما كان قاضيًا في الدلم وفتاواه قبل ذهابه للجامعة الإسلامية، وفتاواه الشفوية أو الخاصة التي لم تُسجل وهذه حصيلة أكثر من ستين سنة.

فائدة رقم٧٣ : آثار جيدة المعاني منتخبة من جزء الأنصاري

قال محمد بن عبدالله بن المثنى بن عبدالله بن أنس بن مالك الأنصاري ـ رحمهم الله ـ في جزئه المشهور:

  1. ﺛﻨﺎ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﺘﻴﻤﻲ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺜﻤﺎﻥ النهدي، ﻋﻦ ﺳﻠﻤﺎﻥ ـ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﻪ ـ، ﻗﺎﻝ : ﻟﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻮﻥ ﺍﻟﻠﻪ ـ عزّ وجل ـ ﻟﻠﻀﻌﻴﻒ ﻣﺎ ﻏﺎﻟﻮﺍ ﺑﺎﻟﻈﻬﺮ.

سنده صحيح.

  1. قال حدﺛﻨﺎ ﺍﺑﻦ ﻋﻮﻥ، قال ﺃﻧﺒﺄﻧﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻷﺳﻮﺩ، ﻋﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ، ﻗﺎﻝ : ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﻌﺪ ﻳﻤﺸﻲ ﺇﺫ ﻣﺮ ﺑﺮﺟﻞ ﻭﻫﻮ ﻳﺸﺘﻢ ﻋﻠﻴًﺎ، ﻭﻃﻠﺤﺔ ﻭﺍﻟﺰﺑﻴﺮ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺳﻌﺪ : ﺇﻧﻚ ﻟﺘﺸﺘﻢ [ﻗﻮﻣًﺎ] ﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ، [والله] ﻟﺘﻜﻔﻦ ﻋﻦ ﺷﺘمهم، ﺃﻭ ﻷﺩﻋﻮﻥّ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻚ، فقال: ﻳﺨﻮّﻓﻨﻲ ﻛﺄﻧﻪ ﻧﺒﻲ، ﻗﺎﻝ : ﻓﻘﺎﻝ ﺳﻌﺪ : ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﺴﺐ ﺃﻗﻮﺍﻣًﺎ ﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻟﻬﻢ ﻣﻨﻚ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻓﺎﺟﻌﻠﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻧﻜﺎﻻً، ﻗﺎﻝ : ﻓﺠﺎﺀﺕ ﺑﺨﺘﻴﺔ ، ﻓﺄﻓﺮﺝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻬﺎ ، ﻓﺘﺨﺒﻄﺘﻪ ، ﻗﺎﻝ : ﻓﺮﺃﻳﺖ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺘﺒﻌﻮﻥ ﺳﻌﺪًﺍ ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﺍﺳﺘﺠﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻚ [ﻳﺎ] ﺃﺑﺎ ﺇﺳﺤﺎﻕ .

حسن لغيره في سند المصنف ابن الأسود مستور، وله طريقان آخران عند الحاكم (3/499-500)، وابن أبي الدنيا في مجابي الدعوة (36)، يتقوى الأثر بهما.

  1. قال: (عن الأشعث)، قال؛ كان الحسن يصلي في صف (الأول) مما يلي حائط بني تميم.

سنده صحيح.

  1. عن ابن عون عن إبراهيم: قال كانوا يكرهون إذا اجتمعوا أن يخرج الرجل أحسن حديثه، أو من أحسن ما عنده.

سنده صحيح.

  1. قال حدثنا أشعث، عن الحسن أن أبا بكر وعمر وعثمان [رضي الله عنهم] كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين.

الحسن لم يسمع من الخلفاء المذكورين كلهم.

  1. عن الأشعث عن الحسن، في سمكة وقعت في سفينة، قال: هي لمن أخذها.

سنده صحيح.

  1. ثنا الأشعث عن الحسن، في الرجل يمرّ بثمرته على العاشر، فيضرب عليها بأقل مما عليه، قال: هو له.

سنده صحيح.

  1. ﻗَﺎﻝَ ﺍﺑْﻦُ ﻋَﻮْﻥٍ ﺣَﺪَّﺛَﻨِﻴﻪِ ﻗَﺎﻝَ : ﺩَﺧَﻠْﺖُ ﺃَﻧَﺎ ﻭَﻣُﺴْﻠِﻢٌ ﺍﻟْﺒَﻄِﻴﻦُ، ﻋَﻠَﻰ ﺃَﺑِﻲ ﻭَﺍﺋِﻞٍ، ﻓَﻘُﻠْﻨَﺎ ﻟَﺠَﺎﺭِﻳَﺔٍ ﻟَﻪُ ـ ﻳُﻘَﺎﻝُ ﻟَﻬَﺎ بريرة ـ : ﻗُﻮﻟِﻲ ﻟِﺄَﺑِﻲ ﻭَﺍﺋِﻞٍ ﻳُﺤَﺪِّﺛُﻨَﺎ ﺑِﻤَﺎ ﺳَﻤِﻊَ ﻣِﻦَ ﻋَﺒْﺪِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺑْﻦِ ﻣَﺴْﻌُﻮﺩٍ، ﻓَﻘَﺎﻟَﺖْ : ﻳَﺎ ﺃَﺑَﺎ ﻭَﺍﺋِﻞٍ، ﺣَﺪِّﺙِ ﺍﻟْﻘَﻮْﻡَ ﺑِﻤَﺎ ﺳَﻤِﻌْﺖَ ﻣِﻦِ ﺍﺑْﻦِ ﻣَﺴْﻌُﻮﺩٍ ﻳَﻘُﻮﻝُ، ﻗَﺎﻝَ : ﺳَﻤِﻌْﺖُ ﺍﺑْﻦَ ﻣَﺴْﻌُﻮﺩٍ ﻳَﻘُﻮﻝُ : ( ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ، ﺇِﻧَّﻜُﻢْ ﻣَﺠْﻤُﻮﻋُﻮﻥَ ﻓِﻲ ﺻَﻌِﻴﺪٍ ﻭَﺍﺣِﺪٍ، ﻳَﺴْﻤَﻌُﻜُﻢُ ﺍﻟﺪَّﺍﻋِﻲ، ﻭَﻳُﻨْﻔِﺬُﻛُﻢُ ﺍﻟْﺒَﺼَﺮُ، ﺃَﻟَﺎ ﻭَﺇِﻥَّ ﺍﻟﺸَّﻘِﻲَّ ﻣَﻦْ ﺷَﻘِﻲَ ﻓِﻲ ﺑَﻄْﻦِ ﺃُﻣِّﻪ)ِ. ﻗَﺎﻝَ ﺍﺑْﻦُ ﻋَﻮْﻥٍ : ﻭَﺃَﺣْﺴَﺒُﻪُ ﺃَﺗْﺒَﻌَﻬَﺎ : ﻭَﺍﻟﺴَّﻌِﻴﺪُ ﻣَﻦْ ﻭُﻋِﻆَ ﺑِﻐَﻴْﺮِﻩِ، ﻓَﻘِﻴﻞَ ﻟَﻬَﺎ : ﻗُﻮﻟِﻲ ﻟَﻪُ : ﺑِﻤَﺎ ﺗَﺸْﻬَﺪُ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟْﺤَﺠَّﺎﺝِ ؟ فقاﻟَﺖْ : ﻳَﺎ ﺃَﺑَﺎ ﻭَﺍﺋِﻞٍ، ﺑِﻤَﺎ ﺗَﺸْﻬَﺪُ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟْﺤَﺠَّﺎﺝِ، ﺗَﺸْﻬَﺪُ ﺃَﻧَّﻪُ ﻓِﻲ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ؟ ﻓَﻘَﺎﻝَ : ﺳُﺒْﺤَﺎﻧَﻪُ ، ﺃَﺣْﻜُﻢُ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ تعالى.

سنده صحيح

  1. قال ثنا هشام بن حسان، قال: كنا عند محمد بن سيرين، فتحدثنا [عنده] فقال رجل من القوم: من يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم حتى ختم الآية، قال فغضب محمد وقال: أين أنت عن هذه الآية: (إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ)، قم عني، اخرج عني، قال: فأخرج.

سنده صحيح.

  1. ثنا هشام بن حسان أن أنسًا أوصى أن يغسله محمد بن سيرين، قال: فكلموا عمر بن يزيد وكان على شريط البصرة، قال فأخرجه، قال: فجاء من السجن فغسله وحنطه وكفنه ثم عاد إلى السجن.

سنده صحيح.

  1. قال: حدثنا أبي، عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس، أن أنسًا كان يقول لهم: يا بنيَّ قيدوا العلم بالكتاب.

سنده صحيح. موقوف وجاء مرفوعًا والصحيح وقفه.

  1. قال حدثني صاحب لي عن ابن عون، أنه سأله رجل فقال: إني أرى قومًا يتكلمون في القدر فأسمع منهم، قال: فقال ابن عون: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ) إلى قوله (فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )، قال الأنصاري: سماهم الظالمين الذين يخوضون في القدر.

أثر جيد المعنى ولكن في سنده مبهم.

فائدة رقم٧٢ : من فتاوى الحسن البصري الثابتة عنه

قال محمد بن عبدالله بن المثنى بن عبدالله بن أنس بن مالك الأنصاري ـ رحمهم الله ـ المتوفى( 215) في جزئه المشهور:

  • ثنا أشعث، عن الحسن، قال: إذا كانت المسايفة، فركعة واحدة، يومئ إيماءًا.

سنده صحيح.

  • ثنا الأشعث، عن الحسن في رجل قال لامرأته: أنت طالقٌ إن شاء الله؟ قال: له ثُنْيَاه.

سنده صحيح.

  • ثنا الأشعث، عن الحسن في الحرام، إن نوى يمينًا فيمينٌ، وإن نوى طلاقًا فطلاقٌ.

سنده صحيح.

  • قال الأشعث حدثنيه عن الحسن: في السائل يؤمر له بشيء فلا يوجد؟ قال: يصنع به ما شاء.

سنده صحيح.

  • قال: الأشعث حدثني عن الحسن، في المؤذن يستقبل القبلة، ولا يستدبر في أذانه.

سنده صحيح.

  • ثنا أشعث، عن الحسن أنه سئل عن الرجل يبيع الميراث فيمن يزيد، أيزيد مع أهل الميراث؟ قال: لا بأس به.

سنده صحيح.

  • ثنا: أشعث، عن الحسن أن عمر بن الخطاب -رحمه الله- رأى رجلا عظيم البطن فقال: ما هذا؟ قال بركةٌ من الله، قال: بل عذاب.

سنده منقطع، لم يسمع الحسن من عمر.

  • قال: حدثني أبي، قال: ثنا جميلة مولاة أنس قال: كان ثابت إذا جاء إلى أنس، قال: يا جميلة، ناوليني طيبًا أمس به يدي، فإن ابن أبي ثابت لا يرضى حتى يقبل يدي، يقول: يد مست يد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

سنده صحيح.

  • حدثنا الجريري، قال سئل الحسن عن بسم الله الرحمن الرحيم فقال: صدور الرسائل.

سنده صحيح.

  • ثنا أشعث، عن الحسن في الذي يُضرب الحد؟ قال: يُضرب، وتُخلع ثيابُهُ إلا الرّداء.

سنده صحيح.

  • ثنا أشعث، عن محمد في المرأة لا يكون لها وليٌّ، فتولى أمرها رجلًا من إخوانها من المسلمين؟ قال: لا بأس به.

سنده صحيح.

  • قال الأشعث حدثنيه عن الحسن، أنه كان لا يرى بأسًا أن يسمح الرجل جبهته من أثر السجود قبل أن يسلّم.

سنده صحيح.

  • قال حدثنا أشعث عن الحسن في المرأة تريد الحج فتمر على وقتها فتحيض؟ قال: تُحرم وتقضي حجها.

سنده صحيح.

  • قال الأشعث حدثنيه عن الحسن في الرجل يعتق الأمة [فيتزوجها] ويجعل عتقها صداقها، فيطلقها

قبل أن يدخل بها، قال: تسعى في نصف الصدقة.

سنده صحيح.

  • قال: (عن الأشعث)، قال: كان الحسن يصلي في الصف (الأول) مما يلي حائط بني تميم.

سنده صحيح.

  • ثنا أشعث، عن الحسن: أن رجلًا فقد ناقة له، فادعاها على رجل، فأتى به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: إن هذا أخذ ناقتي، فقال: لا و(الله) الذي لا إله إلا هو ما أخذتها؟ فقال: قد أخذتها ردها عليه، فردها عليه، قال: فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( قد غفر الله لك بإخلاصك).

مرسل .

  • قال حدثنا أشعث، قال: سمعت الحسن في الرجل يصيد سمكة في بطنها سمكة قال: يؤكلان جميعًا. قال الأنصاري: لا تأكل.

سنده صحيح.

  • حدثنا علي بن نصر، عن شعبة قال: سئل يونس عن امرأة تموت وفي بطنها ولد، أيشق بطنها؟ فسكت ساعة، ثم قال: إن قدرت أن تحيي نفسًا فافعل.

سنده صحيح.

فائدة رقم٧١ : الإجماع المنضبط ﻻ يخالف دلالة الكتاب والسنة

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في كتاب “الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق” (1/13) :

إذا نظر في كل إجماع معلوم وجده موافقًا للنصوص ﻻ مخالفًا لها.

ولا تجد قط إجماعًا يخالف دلالة الكتاب والسنة إلا ومع الإجماع دلالة أخرى من الكتاب والسنة توجب ترجيحها على الأول فيكون أحد النصين ناسخًا للآخر :

  • إما دفعًا لحكمه وهو النسخ الخاص،
  • وإما دفعًا لظاهر دلالته وهو النسخ العام.

وهذا أصل أحمد بن حنبل وغيره من سلف الأمة وأئمتها المتبعين للصحابة لا يعارضون قط دلالة الكتاب والسنة بإجماع كما فعل أبو ثور وأمثاله.

فائدة رقم٧٠ : القود في غـيـر النفـس

قال مسدد كما في “المطالب” (1885):

حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال: إن ابن الزبير ـ رضي الله تعالى عنهما ـ :

أقاد مـن لـطمـه.

سنده صحيح.

  • فيه من الفوائد

القود في غير النفس.

وقد أقاد من اللطمة ونحوها أبو بكر وعلي وخالد بن الوليد ـ رضي الله عنهم ـ، وهو قول طائفة من السلف وطائفة من أهل الحديث والفقهاء.

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: القول بجريان القواد في ذلك ثابت عن الخلفاء الراشدين فهو أولى بأن يكون إجماعًا وهو مقتضى الكتاب والسنة.

قال الحافظ في “الفتح” (عند حديث: 6896): المشهور عن مالك وهو قول الأكثر أنه ﻻ قود في اللطمة إلا إن جرحت ففيها حكومة.

قلت:

والأول هو الصحيح لما ذكر ابن القيم.

وبالله التوفيق.

فائدة رقم٦٩ : الأعمال بالنيات في الطلاق وغيره

قال أبو القاسم بن عساكر في “تاريخ دمشق” (23/146):

من طريق أبي المثنى معاذ بن المثنى نا مسدد حدثنا حماد بن يزيد عن عاصم الأحوال عن سُمَيْرٍ:

أن رجلًا خطب امرأة فقالوا : لا نزوجك حتى تطلق ثلاثًا، فقال: اشهدوا أني قد طلقت ثلاثًا، فلما دخل على المرأة ادّعوا الطلاق.

فقال: كيف قلت؟

قال: قالوا: لا نزوجك حتى تطلق ثلاثاً، حتى عدّ ثلاثًا.

قالوا: ما هذا أردنا.

ووفد شقيق بن ثوْر إلى عثمان بن عفان فأمروه أن يسأل عثمان بن عفان، فلما قدم سألناه، فأخْبَر أنه سأل عثمان فقال : له نيّته .

رواه أبوبكر بن أبي الدنيا عن خالد بن خِدَاش عن حماد بن زيد به.

الأثر صحيح.

وفيه فتوى عثمان بأن طلاق المطلق يعود إلى نيته.

فائدة رقم٦٨ : مذهب جماعة من أئمة النقد قبل مسلم في السند المعنعن

قال الحافظ ابن رجب في “شرح العلل” :

(… وكلام أحمد وأبي زرعة وأبي حاتم في هذا المعنى كثير جدًا يطول الكتاب بذكره وكله يدل على :

أن مجرد الرؤية لا يكفى في ثبوت السماع، وأن السماع لا يثبت بدون التصريح به، وأن رواية من روى عمن عاصره تارة بواسطة وتاره بغير واسطة يدل على أنه لم يسمع منه، إلا أن يثبت له السماع منه من وجه….

وكذلك كلام ابن المديني وأحمد وأبي زرعة وأبي حاتم والبرديجي وغيرهم في سماع الحسن من الصحابة: كله يدور على هذا …

فإذا كان هذا هو قول هؤلاء الأئمة الأعلام وهم أعلم أهل زمانهم بالحديث وعلله وصحيحه وسقيمه

ومع موافقة البخاري وغيره !

فكيف يصح لمسلم ـ رحمه الله ـ دعوى الإجماع على خلاف قولهم؟!.

بل اتفاق هؤلاء الأئمة على قولهم هذا يقتضي :

حكاية إجماع الحفاظ المعتد بهم على هذا القول وأن القول بِخِلاف قولهم لا يُعْرف عن أحد من نظائرهم ولا عمن قبلهم ممن هو في درجتهم وحفظهم.

ويشهد لصحة ذلك حكاية أبي حاتم كما سبق: اتفاق أهل الحديث على أن حبيب بن أبي ثابت لم يثبت له السماع من عروة مع إدراكه له ).

فمن هذا تعلم اختلال ما ادعاه صاحب كتاب ” الإجماع على عدم اشتراط العلم بالسماع في الحديث المعنعن بين المتعاصرين”.

ومن العجب بمكان ! دعواه: ( أن القول المنسوب إلى البخاري مدعى عليه ﻻ أصل له عنه )!،

وقد درج عليه العلماء جيلًا بعد جيل ورعيلًا بعد رعيل.

فإياك أن تغتر بمثل هذه الدعوى.

ويلحق بذلك دعوى صاحب كتاب ” القول النفيس في براءة الوليد بن مسلم من التدليس”.

وهذا قد علم بالتدليس منذ قرون درج على ذلك الحفاظ والنقاد.

فاحذر رعاك الله من هذه الإدعاءات التي تنادي على أهلها بالشذوذ العلمي.

وبالنسبة لعمل الناس بعد مسلم فقد درجوا على قول مسلم لتعذر العمل بقول الأئمة السابق ذكره بما هو قرر في غير هذا الموضع.

وبالله التوفيق.

فائدة رقم٦٧ : أثر اللغة العربية في فهم القرآن على حقيقته قصة فيها منقبة للملك فيصل

قال في “مجلة البحوث” (68/ 109):

عمق الدلالة من القرآن الكريم لا يدركها إلا من درس اللغة العربية .

فمثلاً هذا “موريس بوكاي “الطبيب الفرنسي، كانت له آراء جدلية في القرآن الكريم يقلب بها الفهم الصحيح للقرآن من باب طرح الشبهات.

وبعد أن اجتمع بالملك فيصل ـ رحمه الله ـ اعتبر الفرصة سانحة وفرح بهذه الفرصة التي إن فاز فيها حقق مكسبًا كبيرًا للتبشير النصراني.

  • فقال له موريس بوكاي: أريد مناقشتك في القرآن، لأثبت لك ما فيه من أخطاء؟.
  • فقال له الملك فيصل: هل قرأت القرآن باﻟلغة العربية؟.
  • قال :لا، ولكن بترجمة معانيه إلى اللغة الفرنسية.
  • قال: هذا لا يكفي، اقرأه باللغة العربية لتفهمه، ثم ناقشني بعد ذلك.

فعكف موريس بوكاي على تعلم اللغة العربية لمدة عامين حتى أتقنها ثم لما قرأ القرآن بها تغير حكمه ووجد أن كل ما فهمه من كتاب الغرب خطأٌ في خطإٍ.

فهداه الله للإسلام بعد ذلك. انتهى.

قلت:

وكتب في هذا الموضوع الشيخ تقي الدين الهلالي مقالًا نشر في مجلة البحوث العدد الحادي عشر بعنوان: ( منقبة للملك فيصل ).

فائدة رقم٦٦ : يخرج ومعه دينه فيرجع وما معه من شيء

قال الطبراني في الكبير (8562) :

حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: قال عبد الله ـ رضي الله عنه ـ : ( إن الرجل ليخرج ومعه دينه فيرجع وما معه منه شيء يأتي الرجل لا يملك له ولا لنفسه نفعًا ولا ضرًا فيقسم له بالله إنك كذبت وأذنبت فيرجع ما حلى من حاجته بشيء وقد أسخط الله عليه ).

سند صحيح.

  • أبو نعيم هو الفضل بن دكين
  • سفيان هو الثوري.
  • وقيس هو ابن مسلم.
  • وطارق هو ابن شهاب
  • فيه من الفوائد:
  1. شدة الفتن.
  2. الخوف منها على الدين.
  3. أن الفتن من أسباب تقلب الناس.
فائدة رقم٦٥ : حكم المزاح

المزاح يختلف الناس في الطبع عليه وحسنه وقبحه على حسب الأنفس والطباع.

والأصل فيه الإباحة والجواز، لكن إذا اشتمل على ما ﻻ ينبغي يكره، فإذا خرج إلى الكذب والجرح والأذى فيحرم.

وهذا كلام حسن للشيخ بدر الدين الغزي ـ رحمه الله ـ  قال في رسالته “المراح في المزاح” (7-8):

( قد ورد في ذم المزاح ومدحه أخبار فحملنا ما ورد في ذمه على ما إذا وصل إلى حد المثابرة والإكثار فإنه إزاحة عن الحقوق ومخرج إلى القطيعة والعقوق يصم المازح ويُضِمُ المُمازَح فوصمه المازح أن يذهب عنه الهيبة والبهاء وجرئ عليه الغوغاء والسفاء ويورث الغِل في قلوب الأكابر والنبهاء.

وأما إضامة المُمازَح فلأنه إذا قوبل بفعل مُمض أو قول مستكره وسكت عليه أحزن قلبه وأشغل فكره أو قابل عليه جانب مع صاحب حشمة وأدبًا وربما كان للعداوة والتباغض سببًا فإن الشر إذا فتح لا يستد وسهم الأذى إذا أرسل لا يرتد وقد يُعرض العرض للهتك والدماء للسفك فحق للعاقل (أن) يتقيه وينزه نفسه عن وصمة مساويه).

وعلى هذا يحمل ما روي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: ( لاتماري أخاك، ولا تمازحه، ولا تعده موعدة فتخلفه)).الحديث أخرجه الترمذي (1995) وقال : غريب.

قلت: فيه ليث بن أبي سليم وسيئ الحفظ وقال أبو نعيم في الحلية :

غريب لم يروه إلا الليث.

قلت: فالحديث منكر.

فائدة رقم٦٤ : إنكار الشيخ الألباني على متخذي الرقية وظيفة ومصدر كسب

قال ـ رحمه الله ـ في “الصحيحة” تحت رقم (2918) وهو يتكلم على حقيقة تلبس الجن بالإنس:

ليس غرضي مما تقدم إلا إثبات ما أثبته الشرع من الأمور الغيبة والرد على من ينكرها.

ولكنني من جانب آخر أنكر أشد الإنكار على الذين يستغلون هذه العقيدة، ويتخذون استحضار الجن ومخاطبتهم مهنة لمعالجة المجانين والمصابين بالصّرع ويتخذون في ذلك من الوسائل التي تزيد على مجرّد تلاوة القرآن مما لم ينزل اللَّه به سلطانًا، كالضرب الشديد الذي قد يترتب عليه أحيانًا قتل المصاب كما وقع هنا في عمّان وفي مصر، مما صار حديث الجرائد والمجالس! .

لقد كان الذين يتولَّون القراءة على المصروعين أفرادًا قليلين صالحين فيما مضى، فصاروا اليوم بالمئات، وفيهم بعض النسوة المتبرجات، فخرج الأمر عن كونه وسيلة شرعية لا يقوم بها إلا الأطباء عادة إلى أمور ووسائل أخرى لا يعرفها الشّرع، ولا الطِّب معًا فهي عندي: نوع من الدَّجلِ وَاُلْوَسَاوِسِ يوحي بها الشيطان إلى عدوه الإنسان، ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نًبِيًّ عَدُوَّاً شَيَاطِينَ اٌلْإِنْسِ وَاٌلْجِنِّ يُوْحِي بَعْضُهُمْ إلَىَ بَعْضٍ زُخْرُفَ اٌلْقَوْلِ غُرُوْرَاً ).

وهو نوع من الإستعاذة بالجن التي كان عليها المشركون في الجاهلية المذكورة في قوله تعالى: ( وَأَنَّهُ كَاٌنَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوْذُوْنَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوْهُمْ رَهَقَاً )، فمن استعان بهم على فكِّ سحر ـ زعموا ـ أو معرفة هوية الجني المتلبس بالإنسي أذكر هو أم أنثى؟، مسلم أم كافر ؟، وصدّقه المستعين به ثم صدق هذا الحاضرون عنده فقد شملهم جميعًا وعيد قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول: فقد كفر بما أُنزل على محمد )،

وفي حديث آخر : (…لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ).

فينبغي الانتباه لهذا، فقد علمت أن كثيرًا ممن ابْتُلُوا بهذه المهنة هم من الغافلين عن الحقيقة، فأنصحهم ـ إن استمروا في مهنتهم ـ أن لا يزيدوا في مخاطبتهم على قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( اخرج عــــدو اللَّه)، مذكرًا لهم بقول الله تعالى: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )[النور:63]  والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله .انتهى

  • أقول :

وللأسف فربما طالب علم يبقى سنوات في طلب العلم، ثم ينتهي أمره بأن يكون عاملًا متكسبًا من الرقية؛ وهذا من الحرمان العظيم.

ينتقل من وظيفة الأنبياء إلى وظيفة محذورة لأجل لعاعة من الدنيا مشوبة بفتنة النساء ومرض القلوب.

أصلح الله أحوال المسلمين، وبالله التوفيق.

فائدة رقم٦٣ : من ثمرات التقوى والصبر

قال شيخ الإسلام في كلامه على بعض الآيات في سورة يوسف (صـ:42):

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ).

وَلُبْثُهُ فِي السَّجْنِ كَانَ كَرَامَةً مِنْ اللَّهِ فِي حَقِّهِ؛ لِيَتِمَّ بِذَلِكَ صَبْرُهُ وَتَقْوَاهُ فَإِنَّهُ بِالصَّبْرِ وَالتَّقْوَى نَالَ مَا نَالَ؛ وَلِهَذَا قَالَ : ( أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ).

وَلَوْ لَمْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ بَلْ أَطَاعَهُمْ فِيمَا طَلَبُوا مِنْهُ جَزَعًا مِنْ السَّجْنِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ هَذَا الصَّبْرُ وَالتَّقْوَى وَفَاتَهُ الْأَفْضَلُ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ.

فائدة رقم٦٢ : لم يذكر ذنب لنبي إلا ذكر معه استغفاره منه وإيضاح هم يوسف

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في تفسير آيات من سورة يوسف (42):

المقصود أن يوسف لم يفعل ذنبًا ذكره الله عنه؛ وهو سبحانه ل ايذكر عن أحد من الأنبياء ذنبًا، إلا ذكر استغفاره منه، ولم يذكر عن يوسف استغفارًا من هذه الكلمة، وكما أنه لم يذكر منه استغفارًا من مقدمات الفاحشة، فعلم أنه لم يفعل ذنبًا من هذا ولا هذا، بل همَّ همًّا تركه لله، أثيب عليه حسنة، كما قد بسط هذا في موضعه.

فائدة رقم٦١: من آثار الذنوب : الذلة على مرتكبها

قال أبو نعيم في “الحلية” (3/31):

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا خَلَفُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: ثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا الْأَصْمَعِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُصْبِحُ عَلَيْهِ مَذَلَّتُهُ).

سليمان هو الطبراني.

ونصر هو ابن علي الجهضمي.

الأصمعي هو عبد الملك بن قريب.

والمعتمر هو ابن سليمان.

وخلف بن عبيد الله هو أبو حبيب البصري مجهول حال كما (إرشاد القاصي).

وهذا الكلام مؤيد بأدلة الكتاب والسنة، والواقع الأليم لأهل المعاصي.

فائدة رقم٦٠ : النظر وطمع الشيطان فيه

قال ابن أبي عمر كما في “المطالب العالية” (1590):

حدثنا سفيان عن منصور عن محمد بن عبدالرحمن بن يزيد عن أبيه عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال:

( الإثم حَوَازَ القلوب وما كان من نظرة فإن للشيطان فيها مطمع ).

سنده صحيح.

  • سفيان هو الثوري.
  • ومنصور هو ابن المعتمر.
  • وعبدالرحمن هو ابن يزيد بن قيس النخعي.

هذا الأثر قد جاء مرفوعًا وﻻ يصح.

معنى حوز : يعني الأمور التي تحوز في القلوب وتحك وتؤثر ويتخالج أنها معاصي لفقد الطمأنينة إليها.

وهذه الفقرة معناها جاء في أحاديث مرفوعة ثابتة كحديث النواس عند مسلم وأبي أمامة وأبي ثعلبة عند أحمد.

  • وفيه من الفوائد:
  1. أن أثر الذنوب يكون على القلب.
  2. أن النظر إلى ما حذره الشرع يكون أثره على القلب.
  3. الفقه الدقيق عند ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ.
فائدة رقم٥٩ : أربعة عشر كلمة قرئت على وجهين اختلف فيها اللفظ والمعنى وبعضها قريبة المعنى

خلاصة بحث نشر في “مجلة الشريعة” (53/87-89) والكلمات هي:

  1. كلمة “كبير”: في قوله تعالى: ( قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ…) الاية [البقره٢١٩]،

فقد قرئت أيضًا “كَثيرٌ”.

  1. كلمة “نُنشزها”: في قوله تعالى: ( وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا…) الآية [البقرة:٢٥٩] ، فقد قرئت أيضًا بلفظ ” نُنشِرُها”.
  2. كلمة “فَتَبَيْنوا”: في قوله تعالى: ( وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّـهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّـهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ) [النساء:٩٤]، قرئت أيضًا بلفظ “فتثبتوا”.
  3. كلمة “يَقُصُّ”: في قوله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ ۖ يَقُصُّ الْحَقَّ )،[يوسف: ٥٧] قرئت أيضاً بلفظ “يَقْضِ”.
  4. كلمة “بُشْراً”: في قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا ) [الاعراف:١٥٧]، قرئت أيضًا بلفظ “نُشْرًا”.
  5. كلمة “يُسَيَّركم”: في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ) [يونس:٣٢]، قرئت بلفظ “ِيَنْشُرُكُم”.
  6. كلمة “تَبْلو”: في قوله تعالى: (هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ) [يونس:٣٠]، قرئت أيضًا بلفظ “تَتْلو”.
  7. كلمة “بُشْرًا”: في قوله: تعالى: ( وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ) [الفرقان:٤٨]، قرئت أيضًا بلفظ “نُشْرًا”، وهذه شبيهة بالكلمة الخامسة.
  8. كلمة “بُشْرًا” ـ أيضًا ـ: في قوله تعالى: (وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ) [النمل:٦٣]، قرئت أيضًا “نُشْرًا”، كما في الموضع السابق والخامس.
  9. كلمة “لَنُبَوُّئَنَّهُمْ”: في قوله: تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا ) [العنكبوت:٥٨]، قرئت أيضًا بلفظ “لَنُثْوّنَّهُمْ “.
  10. كلمة “كَبِيْرًا”: في قوله تعالى: (رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ) [الاحزاب:٦٨]، قرئت أيضًا “كَثِرَاً”، وهي شبيهة بالكلمة الأولى.
  11. كلمة “عِبَادُ”: في قوله سبحانه وتعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ إِنَاثًا ) [الزخرف:١٩]، قرئت أيضًا “عِنْدَ”.
  12. كلمة “فَتَبَيَّنُوا”: في قوله تعالى: (إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) [الحجرات:٦]، قرئت أيضًا “فَتَثَبَّتُوا”، وهذه شبيهة بالكلمة الثالثة.
  13. كلمة “بِضَنِين”: في قوله تعالى: (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ) [التكوير:٢٤]، قرئت أيضًا “بِظَنِين”.

فهذه أربعة عشر موضعًا لإحدى عشرة كلمة اختلف معناها ولفظها.

إذ تكررت “فتبينوا” في موضعين.

وتكررت “بشرًا” في ثلاثة مواضع.

ويلاحظ على هذه الكلمات أنها قريبة في المعنى كما بينا في المقدمة مثل: (كبير ـ كثير)، ( فتبينوا ـ فتثبتوا).

فائدة رقم٥٨ : مراتب الرواة بالجملة

قال الحافظ الذهبي في مقدمة “تهذيب السنن الكبرى للبيهقي”:

  • الرجال ثلاثة:
  1. إما موثوق مقبول.
  2. و إما مضعف غير حجة.
  3. وإما مجهول.

لكن كل قسم من الثلاثة على مراتب في:

  • القوة
  • واللين
  • والجهالة.
فائدة رقم٥٧ : مكانة أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ عند السلف ـ رحمهم الله ـ

قال يعقوب الفسوي في “المعرفة” (2/683):

نا أبوبكر (هو عبدالله بن الزبير الحميدي ) قال: قال: سفيان (هو ابن عينية) عن وائل (هو ابن داود) عن الحسن (البصري ـ رحمه الله ـ ) قال: (ثلاثة لا يربّعهم أحد:

( النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبوبكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ ).

سنده صحيح، جميع رجاله ثقات.

يعني : ﻻ يقدم بعد النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أحد غير هذين(على الترتيب).

وعلى ذلك اتفاق أهل السنة.

فائدة رقم 56 : الأحكام المترتبة على فعل الناسي

مما جبل الله عليه الإنسان النسيان؛ ولذلك رتب الشارع على نسيانه أحكامًا ألخصها لك في التالي:

اعلم أن النسيان له تعلقان:

الأول: أحكام متعلقة بالعبد مدة بقائه في الدنيا

وهذه على قسمين:

أحدهما: ما كان تعلقه بجانب المأمورات:

وهذا له أحوال :

الحال الأول: ما ﻻ يمكن تداركه كالجماعات، وصلاة الكسوف، والجهاد الذي ذهب وقته.

حكمه: يسقط بفواته وﻻ شيء فيه على الناسي.

الحال الثاني: ما يمكن تداركه سواء كان من حقوق الله : كالصلاة، والصيام، والزكاة، والوفاء بالنذر.

ويلحق بهذا: نسيان ما ﻻ تصح العبادة إلا به كالطهارة للصلاة.

أو كان من حقوق عباد الله: كالنفقات الواجبة، وقضاء الديون.

حكمه: ﻻ إثم فيه على الناسي، ويجب القيام به عند الذكر؛ ما كان منه على الفور فعلى الفور؛ وما كان منه على التراخي فعلى التراخي.

ثانيهما: ما كان تعلقه بجانب المنهيات :

وهذا له حالان:

الحال الأول : ما كان من المنهيات المنافية للعبادة: كالكلام في الصلاة، والأكل في الصوم …

أو ملزمة بشيء كمن حنث ناسيًا أو أحنث غيره ناسيًا.

حكمه: أن العبادة ﻻ تبطل، والكفارة ﻻ تلزم للنسيان وﻻ الطلاق.

الحال الثاني: ما كان من المنهيات وفيه إضرار بحق الغير فهذا يأتي على وجهين :

الوجه الأول: ما تضمن إتلاف حق الغير:

حكمه: أن الناسي ضامن لحق الغير؛ لأن الضمان من الجوابر وهي ﻻ تسقط بالنسيان.

الوجه الثاني: ما تعلق بحق الغير ولم يكن فيه إتلاف.

حكمه: ﻻ شيء فيه على الناسي؛ فإن أوجب حدًّا أو تعزيرًا كان النسيان شبهة يدرأ بها الحد والتعزير.

الثاني: أحكام متعلقة بالعبد في الآخرة

وذلك: هل يلحقه إثم في ترك المأمور أو مواقعة المنهي ؟

دل الكتاب والسنة والإجماع المنضبط الذي نقله جمع من أهل العلم أنه غير آثم وﻻ يؤاخذ بنسيانه في الآخرة.

هذا خلاصة ما قرره أهل العلم في هذه المسألة.

والله أعلم.

منهم :

القرطبي في “الجامع لأحكام القرآن”،

والعز ابن عبد السلام في “قواعد الأحكام”،

و شيخ الإسلام كما في “مجموع الفتاوى” (20/571و573و21/478و25/226)،

والحصني في “القواعد”،

والسيوطي في “الأشباه والنظائر”.

فائدة رقم٥٥ : كراهية الجلوس في البيت لغير فائدة

قال مسدد كما في “المطالب العالية” (2795):

حدثنا يحيى (هو ابن سعيد القطان) عن إسماعيل (هو ابن أبي خالد) حدثني قيس بن (هو ابن أبي حازم) عن طلحة بن عبيد الله ـ رضي الله عنه ـ سمعته يقول:

( أقل العيب على المرء أن يجلس في داره).

قال الحافظ : صحيح موقوف.

وهو كما قال .

وأخرجه وكيع في “الزهد”: (254)، وابن سعد في “الطبقات” (3/221).

وسبب هذا أنه كان يقال إنه يكثر الجلوس في البيت، فقال هذا القول.

ومعناه: أن الذي يكثر الجلوس ويدع العمل، وﻻ يشتغل بما ينفعه فهذا مما يعاب على الرجل.

وهكذا يكون بعض الناس،

ولكن النافع لنفسه وإخونه هو من يكون قليل الجلوس في بيته لما هو فيه من عمل ونفع.

وبوب عليه الحافظ: (كراهية الجلوس في البيت).

فائدة رقم٥٤ : من طرق السلف في النصيحة والحث على الثبات على الخير.

قال مسدد كما في المطالب (2686):

حدثنا حماد عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين قال: كتب أبو موسى ـ رضي الله عنه ـ

إلى  عامر بن عبدالله :

من عبد الله بن قيس إلى عامر بن عبدالله الذي يقال له: ابن عبد قيس أما بعد:

إن كنت تغيرت فعد، وإن كنت لم تتغير فدم، والسلام عليك.

سنده صحيح.

عامر بن عبد قيس رجل من أفاضل رجال التابعين، زاهد مشهور نسب إليه بعض الأمور التي ﻻ تنبغي في الغلو في الزهد، وهي غير صحيحة عنه، ولعله نشرها بعض الحاسدين له؛ وكان ذلك من أسباب تسييره من بلده.

فلعله بلغ أبا موسى بعض ذلك فأرسل له بهذه الرسالة.

فائدة رقم٥٣ : فتوى الأوزاعي في حضور وليمة يضرب فيها بالطبل

قال الإمام الأوزاعي ـ رحمه الله ـ: (ﻻ تدخل وليمة فيها طبل وﻻ معزاف).

أخرجه أبو الحسين الطيوري في “الطيوريات” (257).

وسنده صحيح.

هذه فتوى إمام الشام في زمنه.

تؤيدها أدلة الشرع الثابتة في النهي عن الطبل والمعازف.

فلتكن منك على ذكر.

فائدة رقم٥٢ : ورع الصحابة عن التكفير

قال أبو يعلى كما في المطالب (2998):

حدثنا ابن نمير حدثنا أبي حدثنا الأعمش عن أبي سفيان قال سألت جابرًا ـ رضي الله عنه ـ وهو مجاور بمكة وكان نازلًا في بني فهر فسأله رجل: هل كنتم تدعون أحدًا من أهل القبلة مشركًا؟!

فقال: معاذ الله، وفزع لذلك.

قلت: هل كنتم تدعون أحدًا منهم كافرًا؟.

قال: ﻻ.

فائدة رقم٥١ : مقام الواحد من الصحابة خير من عمل غيرهم عمره

قال مسدد كما في المطالب العالية (4157):

حدثنا يحيى (القطان) عن سفيان (الثوري) حدثني نسير بن ذعلوق قال:

سمعت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يقول:

( ﻻ تسبوا أصحاب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلمقام أحدهم أفضل من عمل أحدكم عمره ).

سنده حسن رجاله ثقات غير نسير فحسن الحديث.

وهذا القول المبارك قاله ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ، في زمن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، وليس له مخالف، فهو محل إجماع عند الصحابة، وهو إجماع منضبط.

تؤيده أدلة الكتاب والسنة المعلومة.

فالويل كل الويل لمن تجرأ على أعراض الصحابة بقليل أو كثير.

فائدة رقم٥٠ : مراعاة الجار

قال مسدد كما في “المطالب” (2738):

حدثنا عبدالله بن داود سمعت سفيان بن سعيد الثوري ـ رحمه الله ـ، يقول:(إذا اشتريت شيئًا تريد أن لا تفيد جارك منه فواره).

سنده صحيح.

وهذا أدب بديع في مراعاة الناس ﻻ سيما الجيران، وﻻ سيما في مثل هذه الأيام.

وبالمقابل ينبغي للجار أن يترفع عن متابعة جيرانه ومكتسباتهم ومطاعمهم مشاربهم، فإنه يضر وﻻ ينفع.

وإنما يبارك لإخوانه ويدعو لهم ويسأل الله من فضله.

فائدة رقم٤٩ : من تواضع أبي عبيد وعقله وقبوله عن أهل العلم

ذكر ابن النديم في “الفهرست” (٢١٦/١):

عن حماد بن إسحاق بن إبراهيم بن راهويه (ت ٢٣٨)، قال : قال لي أبو عبيد القاسم بن سلام :عرضت كتابي “الغريب المصنف” على أبيك؟

قلت: نعم.

وقال لي: فيه تصحيف مائتي حرف!

فقال أبو عبيد: كتاب مثل هذا يكون فيه تصحيف مائتي حرف، قليل.

فائدة رقم٤٨ : مدة تأليف أبي عبيد لكتابه الغريب

قال أبو يعلى في “طبقات الحنابلة” ( 1/261 ):

قال: محمد بن وهب قال: أبو عبيد كنت في تأليف هذا الكتاب أربعين سنة وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال فأضعها في موضعها من هذا الكتاب فأبيت ساهرًا فرحًا مني بتلك الفائدة، وأحدكم يجيئ فيقيم عندي أربعة أشهر أو خمسة أشهر فيقول: قد أقمت الكثير .

قال ـ رحمه الله ـ: وقيل أول من سمع هذا الكتاب من أبي عبيد: يحيى بن معين .

فائدة رقم٤٧ : أقوال الناس في أفعال العباد

قال أبو عبدالله البخاري في “خلق أفعال العباد” (624):

(واختلف الناس في الفاعل والمفعول والفعل .

فقالت القدرية: الأفاعيل كلها من البشر ليست من الله.

وقالت الجبرية: الأفاعيل كلها من الله.

وقالت الجهمية: الفعل والمفعول واحد لذلك قالوا :لـ(كن) مخلوق.

وقال أهل العلم: التخليق فعل الله وأفاعلنا مخلوقة لقوله تعالى : (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ۖ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ )[الملك١٣-١٤]،

يعني: السر والجهر من القول.

ففعل الله صفة الله والمفعول غيره من الخلق).

فائدة رقم٤٦ : قول عام في ذكر الرحمن سبحانه

قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في كتاب “خلق أفعال العباد ” (602):

حدثنا عبدالله بن صالح قال: حدثني معاوية عن ربيعة بن يزيد عن إسماعيل بن عبيد الله عن أم الدرداء ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت:

( ( وَلَذِكّرُاْللَّهِ أَكْــبَرُ)[العنكبوت:45]، وإن صليت فهو من ذكر الله، وكل خير تعمله فهو من ذكر الله، وكل شر تجتنبه فهو من ذكر الله، وأفضل ذلك تسبيح الله ).

سنده صحيح.

عبد الله بن صالح ضعيف لكنه تابعه الليث بن سعد عند الطبري في تفسيره: (18/415).

  • إيضاحه:

بالنسبة للصلاة، فهي ذكر بلسان الحال ولسان المقال، وهكذا كثير من العبادات، ومن العبادات ما هو عبادة بذاته ﻻ ذكر فيه كالصيام والصدقة ونحو ذلك فهو ذكر لله بلسان الحال.

وبالنسبة للآية فلأهل العلم في تأويلها أقوال.

والله أعلم.

فائدة رقم٤٥ : أمس خير من اليوم إلى قيام الساعة

قال الطبراني في “الكبير” (8773):

حدثنا محمد بن النضر الأزدي، ثنا معاوية بن عمرو، ثنا زائدة، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: قال عبد الله لامرأته : اليوم خير أم أمس؟

فقالت: لا أدري.

فقال: ولكني أدري أمس خير من اليوم، واليوم خير من غد، وكذلك حتى تقوم الساعة.

سند رجاله ثقات لكن خيثمة بن عبد الرحمن لم يسمع من ابن مسعود.

ولكن:

ويؤيده حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ في “صحيح البخاري” مرفوعًا : ( ﻻ يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه).

وليس المراد الزمن بعينه فحسب، بل المراد الزمان و أهل الزمان.

وواقع الناس خير شاهد لذلك.

فائدة رقم٤٤ : من دقيق منهج السلف في تعظيم جناب الصحابة

قال الحافظ الهيثمي ـ رحمه الله ـ في “المجمع” ( 7/222):

(باب: فيما كان بين أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، والسكوت عما شجر بينهم، ولولا أن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ وأصحاب هذه الكتب أخرجوه ما أخرجته.)

  • أقول :

في هذا ورع عظيم، ومنهج قويم، في الحفاظ على جناب الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، حتى في مجرد النقل للأخبار التي دونت فيما حصل بينهم.

وقد نقل أهل العلم الإجماع على وجوب الكف عما حصل بين الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ.

فائدة رقم٤٣ : عليك بالجماعة

قال ابن أبي الدنيا في “الصبر” (10) :

حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة عن سليمان الشيباني قال: سمعت يُسير بن عمرو أن أبا مسعود الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ: ( لما قتل عثمان احتجب في بيته فدخلت عليه فسألته ـ أوقال فسأل ـ عن أمر الناس قال: (عليك بالجماعة فإن الله لن يجمع أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على ضلالة، فاصبر حتى يستريح برٌّ، ويُستراح من فاجر).

سنده صحيح رجاله ثقات .

وسليمان هو ابن أبي سليمان الشيباني.

  • وفيه من الفوائد:
  1. فيه الحث على لزوم جماعة المسلمين.
  2. الحذر من الدخول في الفرق والأحزاب المتفرقة.
  3. أن الإجماع المنضبط لا يكون على خطأ فهو حجة معتبرة.
  4. الحث على الصبر في أزمنة الفتن.

وبالله التوفيق.

فائدة رقم٤٢ : أول ما ينقص من العبادة

قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في كتاب “خلق أفعال العباد” (593):

حدثني أبويعلى محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو صفوان عن يونس عن الزهري عن سالم عن أبيه عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ : ( أول ما يِنْقُص من العبادة التهجد بالليل ورفع الصوت فيها بالقراءة ).

سنده صحيح.

  • وفيه من الفوائد:
  1. الحث على قيام الليل.
  2. الحث على الجهر بالقراءة في صلاة الليل.
  3. أن القراءة غير المقرؤ؛ فالقراءة مخلوقة والمقرؤ كلام الله غير مخلوق.
فائدة رقم٤١ : إجماع الصحابة على تحريق عثمان ـ رضي الله عنه ـ للمصاحف وجمعهم على مصحف واحد

قال البخاري في “خلق أفعال العباد” ( 388):

حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، قال: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد ـ رحمه الله ـ قال: أدركت أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين شقق عثمان ـ رضي الله عنه ـ المصاحف فأعجب ـ أوقال ـ لم يعب ذلك منهم أحد ولا يقال: محرق القرآن.

سنده صحيح.

  • وفيه من الفوائد:
  1. الإجماع على فعل عثمان في تحريق وتشقيق المصاحف، وهذا إجماع منضبط، حجة.
  2. جواز تحريق المصاحف المستغنى عنها.
  3. أن الأوراق المكتوب فيها القرآن، والكتابة مخلوقة ، والقرآن نفسه كلام الله غير مخلوق.
فائدة رقم٤٠ : قول شيخ الإسلام في إمامة من يشارك في القتل والقتال

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ كما في “مجموع الفتاوى” (362/23):

( سئل عن إمام مسجد قتل فهل يجوز أن يصلى خلفه ؟.

فأجاب: إذا كان قد قتل القاتل أولًا، ثم عمدوا أقارب المقتول إلى أقارب القاتل فقتلوهم، فهؤلاء عداة من أظلم الناس وفيهم نزل قوله تعالى : ( فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ).

ولهذا قالت طائفة من السلف: إن هؤلاء القاتلين يقتلهم السلطان حدًّا ولا يعفى عنهم.

وجمهور العلماء يجعلون أمرهم إلى أولياء المقتول.

ومن كان الخطباء يدخل في هذه الدماء فإنه من أهل البغي والعدوان الذي يتعين عزلهم ولا يصلح أن يكون إمامًا للمسلمين بل يكون إمامًا للظالمين المعتدين والله أعلم ).

فائدة رقم٣٩ : بعض الفوائد من نسخة عبدالله بن عون الخراز المتوفى(232)

قال ـ رحمه الله ـ :

  • نا أبوبكر بن عياش، نا عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال:

(لا يقام الحد على من يلج البهيمة).

سنده حسن وقد توبع عاصم فيصح الأثر.

  • نا المبارك بن سعيد بن مسروق عن أبيه أن مسروقًا ـ رحمه الله ـ حين خرج نحو السلسة فشيعه من قراء الكوفة أربعة آلاف أو نحو ذلك قال: فلقيه رجل منا على فرس، قال: فدنا منه فقال: إنك قريع قراء أهل هذه القرية وإن ما زانك زانهم وإن ما شأنك شأنهم وإني أعوذك بالله أن تحدث نفسك بِقِصَر أو بطول أمل ثم ثنى عنان فرسه راجعًا.

قال: فجعل مسروق ينظر في قفاه ويعجب من كلامه.

سنده حسن.

  • نا بن المبارك عن أبيه قال:

(رأيت على إبراهيم النخعي ملحفة حمراء).

سنده حسن.

  • نا أبوسفيان محمد بن حميد المعمري عن معمر عن قتادة ـ رحمه الله ـ :

(في قوله تعالى : ( قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَـٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا )، قال: لم تعم هذه الأعراب من يؤمن بالله ويتخذ ما ينفق قربات عند الله ولكنها لطوائف من الأعراب).

سنده صحيح.

وفيها فوائد عزيزة، وقصدت بنقل هذه الفوائد من هذه النسخة لما فيها من الفوائد ولأجل حفظ اسم هذه النسخة النادرة.

فائدة رقم٣٨ : رسائل عزيزة بين الفاروق عمر وبعض الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ

قال الطبراني في “الكبير” (20/32) :

ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﻳﺰﻳﺪ اﻟﻘﺮاﻃﻴﺴﻲ، ﺛﻨﺎ ﺣﺠﺎﺝ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻷﺯﺭﻕ، ﺛﻨﺎ ﻣﺮﻭاﻥ ﺑﻦ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ اﻟﻔﺰاﺭﻱ، ﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻮﻗﺔ ﻗﺎﻝ: ﺃﺗﻴﺖ ﻧﻌﻴﻢ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﻨﺪ، ﻓﺄﺧﺮﺝ ﺇﻟﻲ ﺻﺤﻴﻔﺔ، ﻓﺈﺫا ﻓﻴﻬﺎ:

ﻣﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﻴﺪﺓ ﺑﻦ اﻟﺠﺮاﺡ ﻭﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ ﺇﻟﻰ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ: ﺳﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ، ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ، ﻓﺈﻧﺎ ﻋﻬﺪﻧﺎﻙ ﻭﺃﻣﺮ ﻧﻔﺴﻚ ﻟﻚ ﻣﻬﻢ، ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻗﺪ ﻭﻟﻴﺖ ﺃﻣﺮ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﺔ ﺃﺣﻤﺮﻫﺎ ﻭﺃﺳﻮﺩﻫﺎ، ﻳﺠﻠﺲ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻚ اﻟﻮﺿﻴﻊ ﻭاﻟﺸﺮﻳﻒ، ﻭاﻟﻌﺪﻭ ﻭاﻟﺼﺪﻳﻖ، ﻭﻟﻜﻞ ﺣﺼﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﺪﻝ، ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻛﻴﻒ ﺃﻧﺖ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﺎ ﻋﻤﺮ، ﻓﺈﻧﺎ ﻧﺤﺬﺭﻙ ﻳﻮﻣًﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﻓﻴﻪ اﻟﻮﺟﻮﻩ، ﻭﺗﺠﻒ ﻓﻴﻪ اﻟﻘﻠﻮﺏ، ﻭﺗﻨﻘﻄﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﺤﺠﺞ ﻟﺤﺠﺔ ﻣﻠﻚ ﻗﺪ ﻗﻬﺮﻫﻢ ﺑﺠﺒﺮﻭﺗﻪ، ﻭاﻟﺨﻠﻖ ﺩاﺧﺮﻭﻥ ﻟﻪ ﻳﺮﺟﻮﻥ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﻭﻳﺨﺎﻓﻮﻥ ﻋﺬاﺑﻪ، ﻭﺇﻧﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﺃﻥ ﺃﻣﺮ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﺔ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺯﻣﺎﻧﻬﺎ ﺳﻴﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺇﺧﻮاﻥ اﻟﻌﻼﻧﻴﺔ ﺃﻋﺪاء اﻟﺴﺮﻳﺮﺓ، ﻭﺇﻧﺎ ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﺰﻝ ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ ﺳﻮﻯ اﻟﻤﻨﺰﻝ اﻟﺬﻱ ﻧﺰﻝ ﻣﻦ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ، ﻓﺈﻧﺎ ﺇﻧﻤﺎ ﻛﺘﺒﻨﺎ ﺑﻪ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﻟﻚ، ﻭاﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ.

ﻓﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ ـ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ـ :

( ﻣﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﻴﺪﺓ ﺑﻦ اﻟﺠﺮاﺡ، ﻭﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ ـ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎـ  ﺳﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻤﺎ، ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ:

ﺃﺗﺎﻧﻲ ﻛﺘﺎﺑﻜﻤﺎ ﺗﺬﻛﺮاﻥ ﺃﻧﻜﻤﺎ ﻋﻬﺪﺗﻤﺎﻧﻲ ﻭﺃﻣﺮ ﻧﻔﺴﻲ ﻟﻲ ﻣﻬﻢ، ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻗﺪ ﻭﻟﻴﺖ ﺃﻣﺮ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﺔ ﺃﺣﻤﺮﻫﺎ ﻭﺃﺳﻮﺩﻫﺎ، ﻳﺠﻠﺲ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ اﻟﺸﺮﻳﻒ ﻭاﻟﻮﺿﻴﻊ ﻭاﻟﻌﺪﻭ ﻭاﻟﺼﺪﻳﻖ، ﻭﻟﻜﻞ ﺣﺼﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺪﻝ، ﻛﺘﺒﺘﻤﺎ: ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻛﻴﻒ ﺃﻧﺖ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﺎ ﻋﻤﺮ، ﻭﺇﻧﻪ ﻻ ﺣﻮﻝ ﻭﻻ ﻗﻮﺓ ﻟﻬﻢ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭﻛﺘﺒﺘﻤﺎ ﺗﺤﺬﺭاﻧﻲ ﻣﺎ ﺣﺬﺭﺕ ﻣﻨﻪ اﻷﻣﻢ ﻗﺒﻠﻨﺎ ﻭﻗﺪﻳﻤًﺎ، ﻭﺇﻥ اﺧﺘﻼﻑ اﻟﻠﻴﻞ ﻭاﻟﻨﻬﺎﺭ ﺑﺂﺟﺎﻝ اﻟﻨﺎﺱ ﻳﻘﺮﺑﺎﻥ ﻛﻞ ﺑﻌﻴﺪ، ﻭﻳﺄﺗﻴﺎﻥ ﺑﻜﻞ ﺟﺪﻳﺪ، ﻭﻳﺄﺗﻴﺎﻥ ﺑﻜﻞ ﻣﻮﻋﻮﺩ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻴﺮ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﺯﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ ﻭاﻟﻨﺎﺭ، ﻛﺘﺒﺘﻤﺎ ﺗﺤﺬﺭاﻧﻲ ﺃﻥ ﺃﻣﺮ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﺔ ﺳﻴﺮﺟﻊ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺯﻣﺎﻧﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺇﺧﻮاﻥ اﻟﻌﻼﻧﻴﺔ ﺃﻋﺪاء اﻟﺴﺮﻳﺮﺓ، ﻭﻟﺴﺘﻢ ﺑﺄﻭﻟﺌﻚ ﻭﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﺑﺰﻣﺎﻥ ﺫﻟﻚ، ﻭﺫﻟﻚ ﺯﻣﺎﻥ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻭاﻟﺮﻫﺒﺔ، ﻳﻜﻮﻥ ﺭﻏﺒﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺑﻌﺾ ﻟﺼﻼﺡ ﺩﻧﻴﺎﻫﻢ، ﻛﺘﺒﺘﻤﺎ ﺗﻌﻮﺫاﻥ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺃﻧﺰﻝ ﻛﺘﺎﺑﻜﻤﺎ ﺳﻮﻯ اﻟﻤﻨﺰﻝ اﻟﺬﻱ ﻧﺰﻝ ﻣﻦ ﻗﻠﻮﺑﻜﻤﺎ، ﻭﺃﻧﻜﻤﺎ ﻛﺘﺒﺘﻤﺎ ﺑﻪ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﻟﻲ، ﻭﻗﺪ ﺻﺪﻗﺘﻤﺎ، ﻓﻼ ﺗﺪﻋﺎ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﺇﻟﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻏﻨﻰ ﺑﻲ ﻋﻨﻜﻤﺎ ﻭاﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻤﺎ ”

سنده صحيح إلى من وجد الصحيفة و واجدها نعيم ابن أبي هند ثقة مؤتمن في نقله.

فالرسالة صحيحة ، والحمد لله.

  • وفيها من الفوائد:
  1. تناصح الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ.
  2. تواضع عمر ـ رضي الله عنه ـ.
  3. عضة الفاضل المفصولين.
  4. الترهيب من يوم القيامة.
  5. أن المرسل يبدأ باسمه ولو كانت رسالته إلى أكبر منه فضلًا وعلمًا.

وبالله التوفيق.

فائدة رقم٣٧: كرامة حسنة، لكن..

قال الطبراني في “المعجم الكبير” (2523):

حدثنا محمد بن الخزر الطبراني، ثنا حدثنا أيوب بن علي بن الهيصم، حدثنا زياد بن سيار، حدثتني عزة بنت عياض بن أبي قِرصافة قالت:

( أسر الروم ابن لأبي قِرصافة فكان أبو قِرصافة إذا كان وقت كل صلاة صعد سور عسقلان ونادى : يا فلان الصلاة فسمعه وهو في بلد الروم).

هذه كرامة حسنة لكن في سندها:

شيخ الطبراني مستور حال.

وأيوب قال أبو حاتم : شيخ.

وزياد :مجهول.

وعزة : مجهولة حال.

وقد ذكرهما ابن حبان في الثقات،وهو معروف بتوثيق المجاهيل.

و ذكرتها لأجل التنبيه عليها فلا يغتر بها ، أحد.

فقد ذكرها الحافظ المزي ولم يعلق عليها بشيء .

وبالله التوفيق.

فائدة رقم٣٦ : مدى صحة قولهم في متزوج المرأة الواحدة: إن حاضت حضت...

قال ابن معين في “الفوائد رواية المروزي” (50):

حدثنا ابن عيينة ثنا أبو رجاء يعني الهروي عن ابن عون قال: (اهديت إلى إبراهيم ثوبًا فأبى أن يقبله، فقلت: خذه شراء فأبى، ثم قال: لو كانت عندي أربعمائة درهم تزوجت بها امرأة، قالوا: يا أبا عمران أوليست عندك امرأة؟ قال: إنما هي واحدة إن حاضت حضت).

سنده صحيح ورجاله ثقات.

والهروي هو عبدالله بن واقد، وابن عون هو عبدالله.

وهذا لا يلزم فلو تزوج اثنتين فقد يتفق لهن الحيض في وقت واحد.

فائدة رقم٣٥ : جهل الجهال يدعو أهل العلم لإيضاح الواضح

قال الإمام البخاري في “خلق أفعال العباد” (قبل رقم: 549) وهو يوضح مسألة اللفظ :

فما يحملنا على كثرة الإيضاح والشرح إلا معرفتنا بعجمة كثير من الناس وﻻ قوة إلا بالله.

قال الحسن البصري رحمه الله: (إنما أهلكتهم العجمة).

هذا الأثر أخرجه البخاري في “خلق أفعال العباد” (326)، من طريق ابن زيد النميري عن الحسن، وسنده عن ابن زيد صحيح لكن ابن زيد مختلف في اسمه وهو: مجهول.

قال الحافظ : مقبول يعني: إن توبع وإلا فلين.

  • أقول :

وكثير من العرب اليوم يجهل كثيرًا من العربية، فتتعب في الإيضاح له.

ويتعب مبين الحق في مسألة معينة، مع من ابتلي بالجهل المركب، أكثر من تعبه مع غيره، والله المستعان.

وبالله التوفيق.

فائدة رقم٣٤ : ﻻ يعذب الله قلبًا وعى القرآن

قال الإمام البخاري في “خلق أفعال العباد” ( 391):

حدثنا عبدالله قال: حدثنا معاوية عن سليم بن عامر عن أبي أمامة الباهلي ـ رضي الله عنه ـ قال:

( اقرؤوا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف إن الله لا يعذب قلبًا وعى القرآن).

وله طريق أخرى عند ابن أبي شيبة (10/505)، وأخرى أيضًا عنده (13/358).

والأثر صحيح.

  • فيه :
  1. فضيلة حفظ القرآن.
  2. وأن القرآن كلام الله والأوراق المكتوب فيها مخلوقة.
  3. أن القرآن كلام الله والوعاء المحفوظ فيه الواعية له مخلوقة.
  4. أن القرآن كلام الله والكتابة ليست هي القرآن.

وهو مراد البخاري من ذكره هنا والله أعلم.

فائدة رقم٣٣ : ﻻ يشترط في الراوي الثقة تعدد الرواة عنه

قال العلائي في كتابه “منيف الرتبة لمن ثبت له شرف الصحبة ” ص: (٥٣) :

( إن من لم يرو عنه إلا راوي واحد محكوم عليه بالجهالة إلا أن يكون بعض أئمة الحديث قد وثقه فإنه لا تلازم بين الجهالة وبين انفراد الراوي عن شيخ فقد يكون معروفًا بالثقة والأمانة وإن لم يتفق أن يروي عنه إلا واحد ).

وبنحو هذا قرر ابن القطان في بيان الوهم والإيهام.

وهو قول جماهير العلماء، لم يخالف إلا من لم يعتد به من المعتزلة ونحوهم.

قال السخاوي: في “فتح المغيث” ( ١٦٢/٢ ) :

( وأما من شرط في الرواية العدد كالشهادة فهو قول شاذ مخالف لما عليه الجمهور).

فائدة رقم٣٢ : النشاط في الدعوة إلى الله

قال الإمام البخاري في ” خلق أفعال العباد ” (420):

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا صدقه بن خالد قال: حدثنا أبو حفص عثمان بن أبي العاتكة قال: حدثنا سليمان بن حبيب المحاربي قال:

( نزلنا حِمصْ فذكر لنا أن أبا أمامة بها فدخلنا فإذا شيخ كبير قال إن هذ المجلس من بلاغ الله إياكم ثم قال: إن رسول الله قد بلغ ما أُرسل به وأنتم فبلغوا ما تسمعون منا).

أثر صحيح.

وأخرجه ابن سعد: (7/411)، والطبراني في “الكبير”: (8/118-119)، من طريقين عن سليمان بن حبيب به.

فيه من الفوائد:

  1. أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بلغ الرسالة كاملة كما دل على ذلك القرآن والسنة النبوية.
  2. وأجتهد الصحابة في تبليغ ما سمعوه من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وهكذا اجتهد من بعدهم حتى حفظ الدين وانتشرت السنن إلى يومنا هذا.
  3. أن من مهمات طالب العلم العمل بهذه الوصية فيجتهد في تبلغ ما علمه ويبذل في ذلك جهده.
فائدة رقم ٣١ : ليس من طبع المؤمن أن يقول : ﻻ

قال أبو الحسين الطيوري في ” الطيوريات ” (95) :

سمعت أحمد يقول: سمعت أبا الحسن محمد بن أحمد بن سمعون يقول: سمعت أبا الحسن علي بن محمد المصري يقول:

( ليس من طبع المؤمن أن يقول: لا؛ وذلك إذا نظر فيما بينه وبين ربه عز وجل من أحكام الكرم يستحيي أن يقول: لا ).

سنده صحيح.

وأحمد العتيقي ثقة.

وسمعون كذلك ثقة مأمون.

وأبو الحسن المصري هو إمام محدث رحال واعظ.

فائدة رقم٣٠ : نصيحة الفضيل بن عياض لأهل العلم وتواضع سفيان لها

قال أبو الحسين الطيوري في “الطيوريات” :

أخبرنا أحمد، حدثنا علي بن أحمد السُّكَري، حدثنا عبدالله بن محمد، حدثنا محمد بن حسان السمتي قال :

( شهدت فضيل بن عياض مجلس سفيان بن عيينه، فتكلم الفضيل فقال:

أنتم معشر العلماء سُرُج البلاد يستضاء بكم فصرتم ظلمة، كنتم نجوماً يهتدى بكم فصرتم حَيَرَة، لا يستحيي أحد أن يأخذ مال هؤلاء وقد علم مِنْ أين هو حتى يُسند ظهره، فيقول: حدثني فلان، عن فلان،

فرفع سفيان رأسه فقال :

هاه هات والله إن كنَّا لسنا بصالحين إنا لنحب الصالحين، فسكت فضيل وطلب إليه سفيان، فحدثنا ثلث الليلة ثلاثين حديثًا ).

سنده صحيح.

فائدة رقم٢٩ : مكانة الأمانة عند السلف

قال ابن أبي شيبة في (الإيمان) (13):

حدثنا وكيع، نا هشام بن عروة، عن أبيه، قال:( لا يغرنك صلاة امرئ ولا صيامه، من شاء صام، ومن شاء صلى، لا دين لمن ل اأمانة له ).

سنده صحيح.

هذا الأثر فيه من الفوائد:

  1. تفاوت درجات الإيمان.
  2. أن الأمانة تدل على قوة إيمان المتصف بها.
  3. أن العبد قد يكون من أهل الصلاة والصيام إلا أنه ضعيف في باب الأمانة.

والله أعلم وبالله التوفيق.

فائدة رقم٢٨ : تقلب القلب بسبب الفتن

قال ابن أبي شيبة في “الإيمان” (62) :

حدثنا أبو خالد الأحمر، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي عمار، عن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ قال:

(والله إن الرجل ليصبح بصيرًا ثم يمسي ما ينظر بشُفر).

سنده صحيح.

( بشفر) بضم الشين وقد يفتح : حرف جفن العين الذي ينبت عليه الشعر، قاله ابن الأثير في “النهاية”.

وهذا الأثر يدل له حديث أبي هريرة مرفوعًا : (بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا … ) أخرجه مسلم.

وقال أبو الدرداء ـ رضي الله عنه ـ : ( والله إن الرجل ليفتن في ساعة واحدة فينقلب عن دينه )، أخرجه الفريابي في “صفة النفاق” (77)، بسند صحيح.

فنسأل الله الثبات لقلوبنا، وأن يصرف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

فائدة رقم٢٧ : الذين تعمروا مائة وعشرين سنة من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ

سئل الحافظ أبو زكريا يحيى بن عبدالوهاب بن منده (511 وقيل:512):

عمن بلغت مدة عمره مائة وعشرين عامًا فألف فيهم رسالة حسنة، فأحببت أن ألخص أسماءهم تقريبًا للفائدة، وتسهيلاً لحفظهم، كما يلي:

  1. حكيم بن حزام.
  2. عاصم بن عدي.
  3. حويطب بن عبد العزيز (عبدالعزى).
  4. سعد بن إياس.
  5. مخرمة بن نوفل.
  6. سعيد بن يربوع.
  7. سعد بن جنادة.
  8. حسان بن ثابت.
  9. أبوعمارة عبد خير.
  10. حمنن بن عوف.
  11. نافع أبوسليمان العبدي.
  12. اللجلاج أبوالعلاء العامري.
  13. أبو شداد العماني.
  14. نتجع جد ناجية.

هذا وبالله التوفيق.

فائدة رقم٢٦ : تحسينات الهيثمي لا يرفع بها رأسًا

أبو الحسن علي بن أبي بكر الهيثمي (ت/٨٠٧) أحد العلماء الذين خدموا السنة النبوية باستخراج زوائد عدد من كتب الأمهات المعتمدة وعمل على الحكم الجملي على رجال وأسانيد كثير منها وكان من ذلك حكمه بالحسن والجودة.

ومن خلال تتبعي لكتاب الأذكار في مجمع الزوائد وجدتُ أمورًا :

  1. يتابع الحافظ المنذري في أحكامه في كتابه ” الترغيب والترهيب” وﻻ يشير إلى ذلك.
  2. وجدتُ كثيرًا من الأحاديث التي يحكم بحسنها أنها : تألفة غير صالحة، أو ضعيفة، ولا عاضد لها.
  3. يصحح ويوثق ويحسن لمن ترجمهم البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيهم جرحًا وﻻ تعديلًا

وربما ذكر بعضهم ابن حبان في الثقات. وهذا الأمر يحتاج إلى دراسة أكثر.

و سأذكر – إن شاء الله – بعض الأمثلة على الأمرين الأولين من ذلك:

  1. قال في حديث المنذر ( من قال إذا أصبح .. رضيت بالله ربًا…)، في “المجمع” (١٠/١١٥):

(رواه الطبراني[٢٠/٣٥٥][٨٢٨] وإسناده حسن) وتبع في ذلك المنذر في “الترغيب” (٩٦٩) .

  • قلت: في سنده رشدين بن سعد وكان رجلًا صالحًا.

وقال أبو حاتم : منكر الحديث، وفيه غفلة، ويحدث بالمناكير عن الثقات، ضعيف الحديث.

وحسنه له أحاديث أخرى منها ما في “المجمع” (١٠/١٥٩) حديث حبان بن منقذ.

  1. قال في “المجمع” (١٠/١١٩) معلقًا على حديث أبي الدرداء (من صلى علي عشرًا…) :

(رواه الطبراني بإسنادين، أحدهما جيد ورجاله وثقوا) .

تبع المنذري في “الترغيب”(٩٩٤).

  • قلت: في سنده إبراهيم بن محمد بن زياد الألهاني، ترجم له البخاري في (الكبير)(1/٣٢٣) وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل)(2/١٢٧) وذكره ابن حبان في الثقات (٦/١٧)،

وهو من طريق خالد بن معدان عن أبي الدرداء ، وخالد لم يسمع من أبي الدرداء.

  1. وقال أيضًا (١٠/١٢٤) في حديث زيد بن ثابت (اللهم إني أسألك غنى الأهل والمولى..) :

( رواه الطبراني وإسناده جيد ).

قلت: أخرجه الطبراني في “الكبير”(٤٨٤٩)، وفي سنده خالد بن القاسم كذَّبه ابن راهويه، وقال البخاري: متروك، تركه الناس).

  1. حديث عقبة بن عامر (ما من راكب يخلو في مسيره بالله … ) وذكره .

قال الهيثمي في “المجمع” (١٠/١٣٠):

( رواه الطبراني (17/324)(895) وإسناده حسن)

  • قلت: هو من طريق عبد الله بن صالح عن ابن لهيعة وكلاهما ضعيف.

وقد تبع في ذلك المنذري في “الترغيب”(٤٦٨٣).

  1. حديث عبد الله بن هشام قال: كان الصحابة يتعلمون هذا الدعاء إذا دخلت السنة أو الشهر؛ (اللهم أدخله علينا بالأمن…) قال الهيثمي في “المجمع” (10/138)

(رواه الطبراني في “الأوسط”(٦٢٣٧)، (الطحان)] وإسناده حسن)

  • قلت: قال الطبراني (تفرد به رشدين) ورشدين ضعيف جدًا فالخبر منكر.
  1. حديث عبد الله بن عمر قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لرجل: (كيف أصبحت يا فلان ؟ قال: أحمد الله إليك… الحديث.

قال الهيثمي (١٠/١٣٩): (رواه الطبراني وإسناده حسن)

  • قلت: في سنده أيضا رشدين وهو شديد الضعف.
  1. حديث أبي هريرة مرفوعًا : (دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرًا ففجوره على نفسه)

أخرجه أحمد والبزار .

قال الهيثمي (١٠/١٥٠) : (إسناده حسن)

  • قلت : في سنده أبو معشر نجيح السندي ضعيف بالاتفاق.
  1. حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قلت يا رسول الله: أي الدعاء أفضل؟ قال: ( دعاء المرء لنفسه )

أخرجه البزار: (٣١٧٣) كما في “كشف الأستار”، والبخاري في “الأدب المفرد”: (٧١٥)،

قال الهيثمي (١٠/١٥٢) : روه البزار بإسنادين وأحدهما جيد).

  • قلت: مداره على مبارك بن حسان.

قال أبو داود: منكر الحديث، وقال الأزدي: متروك رمي بالكذب، وضعفه النسائي.

  1. حديث معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ : (من دعا بهذه الكلمات الخمس لم يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه)

أخرجه الطبراني في “الكبير”: (١٩ رقم (٨٤٩)، و”الأوسط”: (٨٦٢٩)، (الطحان)،

قال الهيثمي (١٠/ ١٥٦):  (وإسناده حسن)، وتبع المنذري في “الترغيب” :(٢٥٥٨).

  • قلت: في سنده عبد الله بن صالح كاتب الليث ضعيف.
  1. حديث أبي هريرة مرفوعًا: (يناد مناد في النار يا حنان يا منان….)

أخرجه الطبراني في “الأوسط”: (٤١٦٦)، (الطحان)، وقال: ولم يروه عن يوسف بن عبدة إلا الأصمعي تفرد به قعنب.

قال الهيثمي (١٠/١٥٩) : ( إسناده حسن ).

  • قلت: مجهول و ذكره ابن حبان في الثقات ويوسف بن عبدة ضعيف.

فالخبر منكر.

هذه الأمثلة قطرة من مطرة وغيض من فيض .

المتتبع يجد عشرات الأحاديث من هذا؛ بل ربما مئات.

وهذه إشارة وفتح باب.

ولو كتب في ذلك: (منهج الهيثمي في التصحيح والتعليل) لوجد قبولًا عند المختصين في هذا الشأن.

والله الموفق.

فائدة رقم٢٥ : الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم مكروهة

عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: ﻻ ينبغي الصلاة من أحد على أحد إلا على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

أخرجه عبد الرازق (3119) وغيره.

وسنده صحيح.

وأخرجه إسماعيل القاضي في “فضل الصلاة على النبي”(75) وزاد : ( ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار).

وسنده حسن.

ولأهل العلم في ذلك أقوال :

  • أنه على التحريم.
  • أنه من باب ترك الأولى.
  • أنه مكروه كراهة تنزيه وهذا قول الجمهور وهو الصحيح.
فائدة رقم٢٤ : مَنْ يدور عليهم الإسناد

قال علي بن المديني ـ رحمه الله ـ في كتاب “العلل” (صـ:86 ):

نظرتُ فإذا الإسناد يدور على ستة :

  • لأهل المدينة :
  1. الزهري وهو محمد بن مسلم أبو بكر (ت :124).
  • ولأهل مكة :
  1. عمرو بن دينار مولى جمح أبو محمد (ت :126).
  • ولأهل البصرة :
  1. قتادة بن دعامة السدوسي أبو الخطاب (ت 117).
  2. يحيى ابن أبي كثير أبو نصر ت:132.
  • ولأهل الكوفة :
  1. عمرو بن عبدالله بن عبد ود أبو إسحاق السبيعي (ت:129).
  2. سليمان بن مهران أبو محمد الأعمش (ت 148).

ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الأصناف ممَن صنف.

فائدة رقم٢٣ : صنيع عمر مع من تتبع الصوت الحسن

قال الإمام البخاري في “خلق أفعال العباد” (275):

حدثنا آدم، قال : حدثنا ابن أبي ذئب، قال: حدثنا مسلم بن جندب، عن نوفل بن إياس الهذلي، قال: كنا نقوم في عهد عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ في المسجد فنتفرق هاهنا فرقة، وهاهنا فرقة، وكان الناس يميلون إلى أحسنهم صوتًا.

فقال عمر: ألا أراهم قد اتخذوا القرآن أغاني، أما والله لأغيرن، فلم يمكث إلا ثلاث ليال حتى أمر أبيًّا فصلى بهم.

سنده صحيح إلى نوفل وهو مستور حال، وﻻ يضر هنا لأنه حكى أمرًا حضره.

وأبي هو ابن كعب ـ رضي الله عنه ـ.

والأثر واضح الدلالة، في كراهة عمر المحدث الملهم لتتبع حسن الصوت.

وبالله التوفيق.

فائدة رقم٢٢ : من عظيم ورع السلف

قال الإمام البخاري في ” خلق أفعال العباد ” (241):

حدثنا إسحاق بن منصور قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن حمّاد بن زيد، عن يحيى بن عتيق، عن ابن سيرين، قال: كان يقال عجبًا للتاجر كيف يتجر؟!!!

قال يحيى: يصدق ويفعل ويفعل.

قال محمد : حتى دخل معي يحيى في التجارة، فقال لي : يا أخي ما من شيء إلا قد رابني، قال محمد: فذكرته لحميد بن عبد الرحمن فقال : الآن حين فقه.

يحيى بن عتيق هو الطفاوي ثقة فاضل.

ومحمد بن سيرين هو الإمام المشهور.

حميد هو ابن عبدالرحمن الزهري أحد علماء التابعين.

وقصد البخاري من إيراده ـ والله أعلم ـ :

أن ﻻ يستعجل المسلم في الأحكام على الناس ويخوض فيما ﻻ علم له به، بل يتريث، فلربما لو ابتلي لفتن.

والشاهد للعنوان قوله :

( يا أخي ما من شيء إلا قد رابني).

وقول حميد مقرًا له :

( الآن حين فقه ).

وهذا يدل على ورع السلف وفضلهم.

وخير الأمور السالفات من الهدى.

فائدة رقم٢١ : ضرر الغيبة على صاحبها

قال البخاري ـ رحمه الله ـ في ” خلق أفعال العباد” (238):

سمعت موسى بن إسماعيل قال : سمعت أبا عاصم يقول : ( ما اغتبت أحدًا منذُ علمت أن الغيبة تضر صاحبها).

سنده صحيح.

وأبو عاصم هو الضحاك بن مخلد النبيل أحد الثقات النبلاء.

و يا لها من موعظة يحتاج إليها كل مسلم؛ لما يحصل عند كثير من المسلمين من الاستهانة بهتك الأعراض بغير حق.

فائدة رقم٢٠ : نصيحة لشيخنا عبدالمحسن العباد في الاشتغال بما ينفع

قال ـ حفظه الله ـ  كما في ” كتبه ورسائله ” (6/287) موجهًا نصحه :

سبق أن سمعت منكم قديمًا كلمة، وهي أنكم انشغلتم عن الاشتغال بالقرآن وتدبر معانيه بالاشتغال بالحديث ورجاله، وأقول:

أنتم الآن اشتغلتم عن القرآن والحديث بالكلام في بعض أهل السنة وغيرهم، مما شغلكم عن الاشتغال بعلم الكتاب والسنة، فقل إنتاجكم العلمي في الآونة الأخيرة نتيجة لذلك، ولاشك أن مقاومة من ليسوا من أهل السنة ومن يحصل منهم إثارة الفتن والتقليل من شأن العلماء بزعم عدم فقههم للواقع هو في محله، ولكن ليس في محله الاتجاه إلى تتبع أخطاء من هم من أهل السنة والنيل منهم لعدم موافقتهم لكم في بعض الآراء، فمثل هؤلاء لا ينبغي التشاغل بها وتكرارها وجعلها حديث المجالس.

ثم عند المناقشة فيها يحصل منكم الغضب وارتفاع الصوت، فإن ذلك بالإضافة إلى ما فيه من محذور، فيه تأثير على صحتكم.

فائدة رقم١٩ : أمر الله بالترفع عن ممارات أهل السفه واللجاج

قال تعالى : ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾.

قال ابن قتيبة في ” تأويل مشكل القرآن ”  (صـ : 4-5 ) :

جمع له بهذا الكلام كل خلق عظيم، لأن في ( خُذِ الْعَفْوَ) : صلة القاطعين، والصفح عن الظالمين، وإعطاء المانعين.

وفي ( أْمُرْ بِالْعُرْفِ ) : تقوى الله، وصلة الأرحام، وصون اللسان عن الكذب، وغض الطرف عن الحرمات.

وإنما سمي هذا وما أشبهه (عرْفًا) و (معروفًا) لأن كل نفس تعرفه، وكل قلب يطمئن إليه.

وفي ( أَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) الصبر، والحلم، وتنزيه النفس عن مماراة السّفيه، ومنازعة اللجوج.

وقال شيخ الإسلام كما في ” مجموع الفتاوى ” (30/370-371):

( هذه الآية فيها جماع الأخلاق الكريمة، فإن الإنسان مع الناس إما أن يفعلوا معه ما يحب أو ما يكره، فأمر أن يأخذ منهم ما يحب ما سمحوا به، وﻻ يطالبهم بزيادة، و إذا فعلوا معه ما يكره أعرض عنهم، وأما هو فيأمرهم بالمعروف).

فائدة رقم 18 : من الزهد

قال أبو حاتم ابن حبان في “صحيحه ” :

( لم يطعم محمد بن المعافى ثمانية عشر سنة من طيبات الدنيا شيئا، غير الحسو عند إفطار).

قلت: هذا من الزهد لكن إن كان يجد ما يأكل غير الحسو المذكور، فيكون من الزهد الذي لم يشرع؛ لمخالفته لسنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي كان يصوم ويفطر أياما حتى يقال ﻻ يصوم، ويأكل ما تيسر له من لحم أو غيره.

كما هو معلوم في أدلة صحيحة مشهورة.

فائدة رقم١٧ : فائدة عزيزة عن سلسلة عمرو بن شعيب

قال الحاكم في ” المستدرك ” (1/501):

سمعت الأستاذ أبا الوليد القرشي ـ رضي الله عنه ـ يقول : سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول : سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول : إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقة فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر .

سنده صحيح.

وأبو الوليد هو حسان بن محمد بن أحمد النيسابوري، ثقة حافظ.

وإبراهيم هو ابن محمد بن نوح، ثقة إمام في الحديث والعلل ،

قال الحاكم كما في ” تاريخ الإسلام ” (6/910):

ما رأيت في المحدثين أهيب من إبراهيم بن أبي طالب، كنا نجلس بين يديه كأن على رؤوسنا الطير، بين نحن بين يديه إذ عطس أبو زكريا العنبري، فأخفى عطاسه، فقلتله سرًا: ﻻ تخف فلست بين يدي الله تعالى.

فائدة رقم١٦ : اشترى نفسه من الله

قال الخطيب في ” تاريخ بغداد ” (8/294):

حدثنا أبونعيم الحافظ ـ املاء ـ قال سمعت الطبراني يقول: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: قال أبي : (كان خالد بن عبد الله الواسطي من أفاضل المسلمين، اشترى نفسه من الله أربع مرات).

سند الأثر صحيح.

المال كثير ولكنه قليل مقابل النجاة من النار، فلله درَّهم من رجال.

فائدة رقم١٥ : لا ينقل من الخلاف في مسائل العلم إلاّ المهم

قال الإمام أبو القاسم عبدالكريم الرافعي (ت:623) في ” العزيز شرح الوجيز ” (1/212):

إن اختلاف العلماء فن عظيم لا يمكن جعله علاوة كتاب، ولكن نتعرض منها لما هو أهم في غرض الكتاب ويستدعيه لفظه، وبالله التوفيق.

فائدة رقم١٤ : أثر الإخلاص في مكانة المخلص

قال كعب الأحبار:

( والله ما استقام لعبد ثناء في الأرض حتى استقر له في أهل السماء )، أخرجه ابن أبي شيبة.

سنده صحيح.

فهنيئًا لمن رزق الصدق والإخلاص مع ربه.

فائدة رقم١٣ : أعظم عون لولي الأمر وغيره

قال شيخ الإسلام في “السياسة الشرعية” :

وأعظم عون لولي الأمر خاصة ولغيره عامة ثلاثة أمور:

  • أحدها : الإخلاص لله، والتوكل عليه بالدعاء وغيره، وأصل ذلك المحافظة على الصلوات بالقلب والبدن.
  • الثاني : الإحسان إلى الخلق بالنفع والمال الذي هو الزكاة.
  • الثالث : الصبر على أذى الخلق وغيره من النوائب.
فائدة رقم١٢ : حال المؤمن الصادق مع نفسه.

قال أحمد : حدثنا روح عن قرة بن خالد : سمعت الحسن في قوله عز وجل : ( وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ )

قال : إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه، يقول:

ما أردت بكلمتي؟

ما أردت بأكلتي؟

ما أردت بحديث نفسي؟

فلا تراه إلا يعاتبها ، وإن الفاجر يمضي قدمًا فلا يعاتب نفسه.

سنده صحيح.

فائدة رقم١١ : يرفع الله أهل الصدق

قال ابن سعد : أخبرنا موسى بن إسماعيل، قال: سمعت حماد بن زيد، قال: قال أيوب: (إن قومًا يريدون أن يرتفعوا، فيأبى الله إلا أن يضعهم، وآخرين يريدون أن يتواضعوا، فيأبى الله إلا أن يرفعهم ).

سنده صحيح.

فائدة رقم١٠ : نكتة دقيقة من نكت الرياء

قال ابن رجب كما في ” مجموع رسائله ” (1/88):

وهاهنا نكتة دقيقة وهي: أن الإنسان قد يذم نفسه بين الناس يريد بذلك أن يري أنه متواضع عند نفسه، فيرتفع بذلك عندهم ويمدحونه به، وهذا من دقائق أبواب الرياء وقد نبه عليه السلف الصالح.

قال مطرف بن عبد الله الشخير: كفى بالنفس إطراء أن تذمها على الملأ، كأنك تريد بذمها زينتها، وذلك عند الله سفه.

فائدة رقم٩: الوجه الصحيح في استعمال (تبارك الله).

اعلم ـ وفقك الله ـ : أن كلمة (تبارك الله) لها استعمالان:

الأول: استعمالها في حق الله تعالى، ويكون المعنى حينها : ( تعالى وتعاظم سبحانه ).

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في “بدائع الفوائد” {(٦٨٠-٦٨١)/ ٢}:

أما صيغة (تبارك) فمختصة به تعالى كما أطلقها على نفسه بقوله : (تَبَارَكَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )، (فَتَبَارَكَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ).

أفلا تراها كيف اطردت في القرآن جارية عليه مختصة به، لا تطلق على غيره، وجاءت على بناء السعة والمبالغة، كتعالى وتعاظم ونحوه، فجاء بناء (تبارك) على بناء (تعالى) الذي هو دال على كمال العلو ونهايته، فكذلك تبارك دال على كمال بركته وعظمها وسعتها.

وهذا استعمال ﻻ إشكال فيه.

الثاني: استعمالها في جملة : (ما شاء الله تبارك الله)، هكذا جملة واحدة، وهذا استعمال غير صحيح من وجهين:

  • الأول : أنها لم ترد بهذا النص في كتاب الله ولا في السنة النبوية، ولكن الوارد في القرآن : ( مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ )،

وفي السنة : (هلّا بركت)، فلك أن تقول:

  • ( اللهم بارك )،
  • وتقول: ( بارك الله لك )،
  • أو (بارك الله فيك).

ونحو ذلك كله من التبريك.

    – الثاني: أنها لا تبريك فيها يعود إلى المخلوق، بل يكون المعنى ( ما شاء الله تعالى وتعاظم ).

هذا ما فتح الله به، والله أعلم .

فائدة رقم ٨ : أصول مذهب أحمد أشبه بإصول الشافعي وإسحاق

قال شيخ الإسلام في رسالة له في ” تسليم البنت إلى الأب أو الأم الحضانة ” :

موافقته للشافعي وإسحاق أكثر من موافقته لغيرهما، وأصوله بأصولهما أشبه منها بأصول غيرهما، وكان يثني عليهما ويعظمهما ويرجح أصول مذاهبهما على من ليست أصول مذاهبه كأصول مذاهبهما، ومذهبه أن أصول فقهاء الحديث أصح من أصول غيرهم، والشافعي وإسحاق هما عنده من أجل فقهاء الحديث في عصرهما.

فائدة رقم ٧ : كثرة النصوص عن أحمد وقل من يضبطها

قال شيخ الإسلام في رسالة له في ” تسليم البنت إلى الأب أو الأم الحضانة ” صـ32 :

( إن كلام أحمد منتشر جداً، وقلَّ من يضبط نصوصه في كثير من المسائل لكثرة كلامه وانتشاره، وكثرة من كان يأخذ العلم عنه، وأبوبكر الخلال قد طاف البلاد وجمع من نصوصه في مسائل الفقه نحو أربعين مجلدًا، وفاته أمور كثيرة ليست في كتبه،

وأما ما جمعه من نصوص فمن أصول الدين :

  • مثل  كتاب السنة نحو ثلاث مجلدات،
  • ومثل أصول الفقه والحديث،
  • ومثل كتاب العلم الذي جمعه،

ومن الكلام في علل الأحاديث : مثل كتاب العلل الذي جمعه،

ومن كلامه في أعمال القلوب والأخلاق والآداب، ومن كلامه في الرجال والتأريخ، فهو مع كثرته لم يستوعب ما نقله الناس عنه ).

 قلتُ : وهذه فائدة عزيزة من هذا الإمام المستقرئ.

فائدة رقم ٦ : السمع والطاعة خير من الفجور والخروج على وﻻة الأمر

قال المروزي في ” السنة (44) ”  :

حدثنا إسحاق : أنبأ المقرئ: ثنا داود بن أبي الفرات: حدثني أبوغالب : أن أبا أمامة أخبره: أن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وهذ الأمة تزيد عليها واحدة، كلها في النار إلا السواد الأعظم، وهي الجماعة،

قلت: قد تعلم ما في السواد الأعظم – وذلك خلافة عبد الملك مروان -؟!.

فقال: أما والله إني لكاره لأعمالهم، ولكن عليهم ما حمّلوا، وعليكم ما حمّلتم، والسمع والطاعة خير من الفجور والمعصية.

سنده حسن.

هذا الأثر المبارك أوله قد صح مرفوعًا عن أبي هريرة ومعاوية ـ رضي الله عنهما ـ.

وآخره موقوف محل اتفاق عند الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ.

وهذا ينقض تهوك أهل البدع من المتحزبين وغيرهم، في مخالفتهم لهذا الأصل العظيم.

والله الموفق.

فائدة رقم ٥ : النظر فيما يختم به للعبد

قال ابن أبي زمنين في ” أصول السنة (146) “:

حدثني وهب عن ابن وضاح عن موسى بن معاوية عن ابن مهدي قال : حدثنا إسرائيل [بن] يونس عن [أبي] إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال : ( كنا لانقول في رجل شيئًا حتى ننظر على أي حال يموت، فإن ختم له بخير رجونا أن يصيب خيرًا، وإن ختم له بغير ذلك خفنا عليه ).

سنده حسن.

استشكل أخ فاضل هذا فقال: كيف هذا مع وجود عنعنة أبي إسحاق والانقطاع بين أبي عبيدة وابن مسعود ؟

والجواب:

حفظك الله ورعاك أخي العزيز:

أولاً : أشكر لك متابعتك الفوائد.

ثانياً: بالنسبة لعنعنة أبي إسحاق :

فالأصل قبولها إلا ما نص على تدليسه فيه بعينه أو دلت القرينة على تدليسه.

وهذا مذهب جماعة منهم شيخنا مقبل رحمه الله.

وأما أبو عبيدة : فلم يسمع من أبيه بالإجماع لكن نص جماعة من النقاد منهم ابن المديني ويعقوب بن شيبة والترمذي وابن قاضي الجبل على قوتها و قبولها.

قال الحافظ ابن رجب : ( أبو عبيدة وإن لم يسمع من أبيه إلا أن أحاديثه عنه صحيحة تلقاها عن أهل بيته الثقات العارفين بحديث أبيه، قاله ابن المديني وغيره.)

فائدة رقم ٤ : ثياب الشهرة :

قال ابن أبي الدنيا في ” الأموال (400) ” :

حدثنا الحكم بن موسى، حدثنا غسان بن عبيد، عن سفيان قال:

(كانوا يكرهون الشهرتين، الثياب الجياد التي يشتهر فيها، ويرفع الناس فيها أبصارهم، والثياب الرديئة التي يحتقر فيها، ويستذل فيها).

سنده صحيح .

وطالب العلم أولى ما يكون بهذا الأدب قبل غيره.

فلا يلبس الدون فيزرى به ويعرض نفسه للظنون.

وﻻ يلبس ما يلفت نظر الناس فيستهجن بعقله.

فائدة رقم٣ : إجماع أهل العلم على وجوب الإمامة وولاية الأمر على المسلمين

قال الذهبي في ( المقدمة الزهراء ص:12):

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، اتفق أهل السنة، والمعتزلة، والمرجئة، والخوارج، والشيعة على وجوب الإمامة، وأن الأمة فرض عليها الانقياد إلى إمام عدل، حاشًا النجدية من الخوارج، فقالوا: لا تلزم الإمامة، وإنما على الناس أن يتعاطوا الحق فيما بينهم، وهذا قول ساقط.

أقول: ويلحق بهؤﻻء جماعة الإخوان المسلمين أقمأهم الله فإنهم ﻻ عهد لهم مع ولي من ولاة المسلمين.

فائدة رقم٢ : المتخصص في فن لايعاب بالزلل اليسير في غيره

قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ص167:

على المنفرد بفن من الفنون لا يعاب بالزلل في غيره، وليس على المحدث عيب أن يزل في الإعراب، ولا على الفقيه أن يزل في الشعر، وإنما يجب على كل ذي علم أن يتقن فنه إذا احتاج الناس إليه فيه، وانعقدت الرئاسة به، وقد يجتمع للواحد علوم كثيرة، والله يؤتي الفضل من يشاء.

فائدة رقم ١ : صحة اسم ملك الموت

قال ابن كثير في( البداية والنهاية)(1/47) :

أما ملك الموت فليس بمصرح باسمه في القرآن وﻻ في الأحاديث الصحاح وقد جاء تسميته في بعض الآثار، والله أعلم.

وقال الشيخ الألباني في أحكام الجنائز ( 156 ):

اسمه في الكتاب والسنة ملك الموت، وأما تسميته بعزرائيل فمما ﻻ أصل له، خلافًا لما هو مشهور عند الناس، ولعله من الإسرائيليات.